159  - قال الإمام - رحمه الله - : روي إسلام  أبي ذر   - رضي الله عنه - من وجوه ، منها رواية البصريين ،  عن المثنى بن سعيد  ، وقد روي من طريق الشاميين  حدث به الطبراني  ، قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم أبو عبد الله القرشي الدمشقي  ، ثنا محمد بن عائذ  ، ثنا الوليد ين مسلم  ، ثنا أبو طرفة عباد بن الريان اللخمي  ، قال : سمعت  عروة بن رويم اللخمي  يقول : حدثني عامر بن لدين  قاضي الناس مع  عبد الملك بن مروان  ، قال : سمعت أبا ليلى الأشعري  يقول : حدثني  أبو ذر   - رضي الله عنه - ، قال : إن أول ما دعاني إلى الإسلام أنا كنا قوما عربا ، فأصابتنا السنة ، فاحتملت أمي ، وأخي - وكان اسمه أنيسا -  إلى أصهار لنا بأعلى نجد ،  فلما حللنا بهم أكرمونا ، فلما رأى ذلك الرجل من الحي مشى إلى خالي ، فقال : تعلم أن أنيسا يخالفك ، فقال : فحز في قلبه ، فانصرفت من رعية إبلي ، فوجدته كئيبا يبكي ، فقلت : ما أبكاك يا خال ؟ فأعلمني الخبر ، فقلت : حجز الله عن ذلك إنا نعاف الفاحشة ، وإن كان الزمان قد أخل بنا ، وقد كدرت علينا صفو ما ابتدأتنا به ، ولا سبيل إلى اجتماع ، واحتملت أمي ، وأخي حتى نزلنا بحضرة مكة ،  فقال أخي : إني مدافع رجلا على الماء بشعر ، وكان رجلا شاعرا ، فقلت : لا تفعل ، فخرج به اللجاج حتى دافع دريد بن الصمة  صرمته إلى صرمته وايم الله لدريد  يومئذ أشعر من أخي ، فتقاضيا إلى خنساء ،  ففضلت أخي على دريد  ، وذاك أن دريدا  خطبها إلى أبيها ، فقالت : شيخ كبير لا حاجة لي فيه ، فحقدت ذلك عليه ، فضممنا صرمته إلى صرمتنا ، فكانت لنا هجمة ، ثم أتيت مكة ،  وابتدأت بالصفا ،  فإذا عليها رجالات قريش ، وقد بلغني أن بها صابئا ، أو مجنونا ، أو شاعرا ، أو ساحرا ، فقلت : أين هذا الذي يزعمونه ؟ قالوا : ها هو ذاك حيث ترى ، فانقلبت إليه ، فوالله ما جزت عنهم قيس حجر حتى أكبوا على كل عظم ، وحجر ، ومدر ، فضرجوني بدمي ، فأتيت البيت ، فدخلت بين الستور ، والبناء ، وبقيت فيه ثلاثين يوما لا آكل ، ولا أشرب إلا من ماء زمزم حتى إذا كانت ليلة قمراء أضحيان أقبلت امرأتان من خزاعة ، فطافتا بالبيت ، ثم ذكرتا إسافا ونائلة ، وهما وثنان كانوا يعبدونهما ، فأخرجت رأسي من تحت الستور ، فقلت : احملوا أحدهما على صاحبه ، فغضبتا ،  [ ص: 147 ] ثم قالتا : أما والله لو كانت رجالنا حضورا ما تكلمت بهذا ، ثم ولتا ، فخرجت أقفو آثارهما حتى لقيتا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : ما أنتما ، وما جاء بكما ، فأخبرتاه الخبر ، فقال : أين تركتما الصابئ ، فقالتا : تركناه بين الستور ، والبناء ، فقال لهما : هل قال لكما شيئا ؟ فقالتا : نعم ، كلمة تملأ الفم ، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم انسلتا ، وأقبلت حتى جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم سلمت عليه عند ذاك ، فقال : أين أنت ؟ ومن أين جئت ؟ وما جاء بك ؟ فأنشأت أعلمه الخبر ، فقال : من أين كنت تأكل ، وتشرب ؟ فقلت : من ماء زمزم ، فقال : أما إنه طعام طعم ، ومعه  أبو بكر   - رضي الله عنه - ، فقال : يا رسول الله ، ائذن لي أن أعشيه ، قال : نعم ، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي ، وأخذ  أبو بكر  بيده حتى وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بباب  أبي بكر  ، ثم دخل  أبو بكر  بيته ، ثم أتي بزبيب من زبيب الطائف ،  فجعل يلقيه لنا قبضا قبضا ، ونحن نأكل منه حتى تملأنا منه ، قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا  أبا ذر  ، فقلت : لبيك ، فقال : إنه قد رفعت لي أرض ، وهي ذات ماء لا أحسبها إلا تهامة ،  فاخرج إلى قومك ، فادعهم إلى ما دخلت فيه ، قال : فخرجت حتى أتيت أمي ، وأخي ، فأعلمتهما الخبر ، فقالا : ما بنا رغبة عن الدين الذي دخلت فيه ، فأسلما ، ثم خرجنا ، فأعلمت قومي ، فقالوا : إنا قد صدقناك ، ولكنا نلقى محمدا ،  فلما قدم علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقيناه ، فقالت له غفار :  يا رسول الله ، إن  أبا ذر  أعلمنا ما أعلمته ، وقد أسلمنا ، وشهدنا أنك رسول الله ، ثم تقدمت أسلم خزاعة ،  فقالوا : يا رسول الله ، إنا قد رغبنا ، ودخلنا فيما دخل فيه إخواننا ، وحلفاؤنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أسلم سالمها الله ، وغفار  غفر الله لها ، ثم أخذ  أبو بكر   - رضي الله عنه - بيدي ، قال : يا  أبا ذر  ، فقلت : لبيك يا  أبا بكر  ، فقال : هل كنت تأله في الجاهلية ؟ قلت : نعم ، لقد رأيتني أقوم عند الشمس ، فلا أزال مصليا حتى يؤذيني حرها ، فأخر كأني خفاء ، فقال لي : فأين كنت توجه ، قلت : لا أدري إلى حيث وجهني الله - عز وجل - حتى أدخل الله - عز وجل - علي الإسلام .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					