201  - أخبرنا عمر بن أحمد السمسار  ، أنا أبو سعيد النقاش  ، أنا أبو أحمد العسال  ، ثنا محمد بن إبراهيم بن داود  ، حدثني الحسن بن كليب بن المعلى  ، ثنا  يزيد بن أبي حبيب  ، ثنا الحكم بن أبان  ، عن  عكرمة  ، عن  ابن عباس   - رضي الله عنه - ، قال : خرج من المدينة  أربعون رجلا من اليهود ، فقالوا : امضوا بنا إلى هذا الكاهن الكذاب حتى نوبخه ، ونكذبه أن يقول : إني رسول الله رب العالمين ، فأتوا باب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يقولون : آدم  خير منه ، وإبراهيم ،  وموسى ،  وعيسى ،  ونوح ،  وسليمان   - صلوات الله عليهم أجمعين - ، إذ خرج عليهم  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : ما أحسن ظن محمد   - صلى الله عليه وسلم - بالله - عز وجل - ، وأكثر شكره لما أعطاه الله ، فسمعت اليهود كلام عمر  ، فقالوا : ما ذاك محمد ،  ولكن ذاك موسى بن عمران  كلمه الله - عز وجل - ، فغضب عمر   - رضي الله عنه - وضرب بيده إلى شعب اليهودي ، وجعل يضربه ، فهربت اليهود ، وقال : مروا بنا إلى محمد  حتى نشكو إليه ، فلما دخلوا سلموا ، فرد عليهم السلام ، فقالت اليهود يا محمد ،  نعطي الجزية ، ونظلم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ومن ظلمكم ؟ قالوا :  عمر بن الخطاب  ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما كان عمر  ليظلم أحدا حتى يسمع منكرا ، ثم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -  بلالا  ، فدعا  عمر بن الخطاب  ، فقال له : يا عمر  ، أظلمت هؤلاء ؟ فقال عمر :  بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لو أن سيفي بيدي لضربت أعناق هؤلاء أجمعين ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ولم يا عمر ؟  قال : خرجت من عندك آنفا وأنا أقول : ما أحسن ظن محمد  بالله ، وأكثر شكره لما أعطاه الله ، فقالت اليهود : ما ذاك محمد ،  ولكن ذاك موسى بن عمران ،  يفديك نفسي أموسى  خير منك ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : موسى  أخي ، وأنا خير منه ، وأفضل ، وأعطيت أفضل مما أعطي ، فعجبت اليهود ، وقالوا : هذا أردنا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : وما ذاك ؟ قالت اليهود : آدم  خير منك ، وموسى  خير منك ، وعيسى   [ ص: 165 ] خير منك ، ونوح  خير منك ، وإبراهيم  خير منك ، وسليمان  خير منك ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : كذبتم ، أنا خير من هؤلاء ، وأنا أفضل منهم فضلا ، قالت اليهود : هات بيان ذلك في التوراة ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ادعوا لي  عبد الله بن سلام  ، والتوراة بيني وبينكم ، فنصبت التوراة ، فقال لليهود : آدم  خير مني ، قالوا : نعم ، قال : ولم ، قالوا : لأن الله خلقه بيده ، ونفخ فيه من روحه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : آدم  أبي ، ولكني أعطيت أفضل مما أعطي ، قالوا : وما ذاك ؟ قال : إن المنادي ينادي كل يوم خمس مرات من المشرق إلى المغرب أشهد أن محمدا  رسول الله ، ولا يقال : أن آدم  رسول الله ، ولواء الحمد بيدي ، وليس بيدي آدم ،  فقالت اليهود : صدقت يا محمد ،  هذا مكتوب بالتوراة ، قالوا : هذه واحدة ، قالت اليهود : نوح  خير منك ، قال : لم ، قالوا : لأن سفينته جرت على الأرض واستوت على الجودي ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أعطيت أفضل منه ، قالوا : وما ذاك ؟ قال : إن الله - عز وجل - يقول في كتابه : ( إنا أعطيناك الكوثر   ) نهرا في السماء السابعة من تحت العرش عليه ألف قصر لبنة من فضة ، وأخرى من ذهب ترابها الزعفران ، ورضراضها در ، وياقوت لي ، ولأمتي ، قالوا : صدقت يا محمد ،  هذا خير من ذاك ، هاتان ثنتان ، قالت اليهود : إبراهيم  خير منك ، قال : ولم ، قالوا : لأن الله - عز وجل - اتخذه خليلا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إبراهيم خليل الله ،  وأنا حبيبه ، أتدرون لأي شيء سميت محمدا ؟  قالوا : لا ، قال : إن الله اشتق اسمي من اسمه ، فهو الحميد ، وأنا محمد ،  وأمتي الحمادون ، قالوا : صدقت يا محمد ،  هذا خير من ذلك ، هذا خير من ذلك ، هذه ثلاثة ، قالت اليهود : موسى  خير منك ، قال : ولم ، قالوا : لأن الله كلمه بأربعة آلاف كلمة ، وأربع مائة كلمة ، وأربع وأربعين كلمة ، ولم يكلمك بشيء ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : قد أعطيت أفضل منه ، قالوا : وما ذاك ؟ قال : قوله في كتابه : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا   ) ، فحملني على جناح جبريل  حتى انتهيت إلى السماء السابعة ، وجاوزت سدرة المنتهى عندها جنة المأوى حتى تعلقت بأستار العرش ، فنوديت من فوق العرش : يا محمد ،  أنا الله لا إله إلا أنا ، أرى ربي بقلبي ، ولم أره بعيني ، فهذا أفضل من ذلك ، قالوا : صدقت يا محمد ، هذا مكتوب في التوراة ، قالوا : هذه أربعة ، قالت اليهود : عيسى  خير منك ، قال : ولم ، قالوا : لأن عيسى ابن مريم  صعد عقبة بيت المقدس ،  فجاءت الشياطين لتحمله ، فأمر الله جبريل   - عليه السلام - ، فضرب بجناحه الأيمن وجوههم ، فألقاهم إلى النار ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أعطيت خيرا منه ،  أقبلت يوم بدر  من قتال المشركين وأنا جائع شديد  [ ص: 166 ] الجوع ، فاستقبلتني امرأة يهودية على رأسها جفنة ، وفي الجفنة جدي مشوي ، وفي كمها شيء من سكر ، فقالت : يا محمد ،  الحمد لله الذي سلمك ، قد كنت نذرت لله نذرا إذا قدمت سالما من غزوة العدوة لأذبحن هذا الجدي ، ولأشوينه ، وأحمل إلى محمد  ليأكل منه ، فاستنطق الجدي ، فاستوى قائما على أربع قوائم ، فقال : يا محمد ،  لا تأكلني ، فإني مسموم ، قالت اليهود : صدقت يا محمد ،  هذا خير من ذلك ، قالوا : هذه خمس بقيت واحدة ، ونقوم ، قالوا : سليمان  خير منك ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ولم ، قالوا : لأن الله سخر له شياطين الجن ، والإنس ، والرياح ، وعلم كلام الطير ، والهوام ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لقد أعطيت أفضل منه ، قالوا : وما ذاك ؟ قال : لأن الله سخر لي البراق ، وهو خير من الدنيا بحذافيرها ، وهي دابة من دواب الجنة ، وجهه وجه آدمي ، وحوافره حوافر الخيل ، وذنبه ذنب البقر ، فوق الحمار ، ودون البغل ، مسرج من ياقوت أحمر ، وأخضر ، ركاباه من درة بيضاء ، مزموم بسبعين ألف زمام ، له جناحان ، مكلل بالدر ، والياقوت ، مكتوب بين عينيه لا إله إلا الله محمد  رسول الله ، قالت اليهود : صدقت يا محمد ،  هذا مكتوب في التوراة ، هذا خير من ذلك كله ، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا  عبده ورسوله ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنا سيد ولد آدم ،  ولا فخر ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ، ولا فخر ، وأنا أول شافع ، وأول مشفع ، ولا فخر ، وأنا أول من يعطي البهاء ، والنور ، ولا فخر ، وأنا أول من يقرع باب الجنان ، ولا فخر ، وأنا أول من يدخل أمته الجنة ، ولا فخر .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					