فصل : 
 271  - ذكر الطبراني   - رحمه الله - في دلائل النبوة  ، ثنا محمد بن زكريا الغلابي  ، ثنا العباس بن بكار الضبي  ، ثنا أبو بكر الهذلي  ، عن  عكرمة  ، عن  ابن عباس   - رضي الله عنه - ، قال : قال العباس   - رضي الله عنه - : خرجت في تجارة إلى اليمن  ركب منهم  أبو سفيان بن حرب  ، فكنت أصنع يوما طعاما ، وأنصرف بأبي سفيان  ، وبالنفر ، ويصنع  أبو سفيان  يوما ، فيفعل مثل ذلك ، فقال لي في يومي الذي كنت أصنع فيه : هل لك يا أبا الفضل  أن تنصرف إلى بيتي ، وترسل إلي غداءك ؟ قلت : نعم ، فانصرفت ، أنا والنفر إلى بيته ، فلما تغدى القوم قاموا ، واحتبسني ، فقال : هل علمت يا أبا الفضل  أن ابن أخيك يزعم أنه رسول الله ؟ قلت : أي بني أخي ؟ فقال  أبو سفيان :  إياي تكتم ؟ وأي بني أخيك ينبغي أن يقول ذاك إلا رجل واحد ؟ قلت : وأيهم هو ؟ قال : هو محمد بن عبد الله ،  قلت : قد فعل ؟ قال : بلى ، قد فعل ، فأخرج كتابا : من  حنظلة بن أبي سفيان  أخبرك أن محمدا  قام بالأبطح ،  فقال : أنا رسول الله ، أدعوكم إلى الله ، فقال العباس :  قلت : لعله يا أبا حنظلة  صادق ، فقال : مهلا يا أبا الفضل  ، فوالله ما أحب أن تقول هذا ، إني لأخشى أن تكون كنت على صبر من هذا الحديث يا بني عبد المطلب ،  إنه والله ما برحت قريش تزعم أن لكم هنة ، وهنة ، فنشدتك يا أبا الفضل  هل سمعت ذلك ؟ قلت : نعم ، قال : فما كان بعد ذلك إلا ليال حتى قدم عبد الله بن حذافة  بالخبر ، وهو مؤمن ، ففشا ذلك في مجالس اليمن ،  وكان  أبو سفيان  يجلس مجلسا باليمن  يتحدث فيه حبر من أحبار اليهود ، فقال له اليهودي : ما هذا الخبر ؟ بلغني أن فيكم عم هذا الرجل الذي قال ما قال ، قال  أبو سفيان :  صدقوا ، وأنا عمه ، قال اليهودي : أخو أبيه ، قال : نعم ، قال : فحدثني عنه ، فقال : لا تسألني ما كنت أحسب أن يدعي هذا الأمر أبدا ، وما أحب أن أعينه ، فقال اليهودي : ليس به بأس على يهود ، وتوراة موسى ،  قال العباس :  فناد إلى الخبر ، فحميت ، وخرجت حتى جلست ذلك المجلس من الغد ، وفيه أبو سفيان بن حرب ، والحبر ، فقلت للحبر : بلغني أنك سألت ابن عمي عن رجل منا زعم أنه رسول الله ، فأخبرك أنه عمه ، وليس بعمه ، ولكن ابن عمه ، وأنا عمه أخو أبيه ، قال : أخو أبيه ؟ قلت : أخو أبيه ، فأقبل على  أبي سفيان  ، فقال : صدق ؟ قال : نعم ، صدق ، فقال : سلني عنه ، فإن كذب ، فليرده علي ، فأقبل علي ، فقال : نشدتك هل كانت لابن أخيك صبوة ، أو سفهة ؟ قلت : لا ، وإله  [ ص: 204 ] عبد المطلب  ، ولا كذب ، ولا خان ، وإن كان اسمه عند قريش الأمين ، فقال : هل كتب بيده ؟ قال العباس :  فظننت أنه خير له أن يكتب بيده ، فأردت أن أقولها ، ثم ذكرت مكان  أبي سفيان  أنه مكذبي ، وراد علي ، فقلت : لا يكتب ، فوثب الحبر ، وترك رداءه ، وقال : ذبحت يهود ، وقتلت يهود ، قال العباس :  فلما رجعنا إلى منازلنا ، قال  أبو سفيان :  يا أبا الفضل  ، إن اليهود تفزع من ابن أخيك ، قلت : قد رأيت ما رأيت ، فهل لك يا  أبا سفيان  أن تؤمن به ؟ فإن كان حقا كنت قد سبقت ، وإن كان باطلا ، فعمل غيرك من أكفائك ، فقال : لا أؤمن به حتى أرى الخيل في كذا ، قلت : ما تقول ؟ قال : كلمة جاءت على فمي ألا إني أعلم أن الله لا يترك خيلا تطلع من كذا ، قال العباس :  فلما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة ،  ونظرنا إلى الخيل قد طلعت من كذا ، قلت : يا  أبا سفيان  ، تذكر الكلمة ، قال : إي والله إني لذاكرها ، والحمد لله الذي هداني للإسلام . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					