فصل في ذكر إسلام زيد بن سعنة وما في الحديث من دلائل النبوة : 
 341  - ذكر  أبو داود السجستاني  ، حدثنا الحوطي  ، ثنا  الوليد بن مسلم  ، ثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام  أن الله - عز وجل - لما أراد هداية زيد بن سعنة  ، قال : ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجوه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما فيه : يسبق حلمه جهله ، ولا يزيده شدة الجهل إلا حلما ، فقال : فبينا أنا أتلطف له لأن أخالطه ، فأعرف حلمه من جهله خرج يوما من الحجرات ، ومعه  علي بن أبي طالب   - رضي الله عنه - ، فجاء رجل يسير على راحلته كالبدوي ، فقال : يا رسول الله ، إن بصرى  قرية بني فلان قد أسلموا ، ودخلوا في الإسلام ، وحدثتهم إن أسلموا أتتهم أرزاقهم رغدا ، وقد أصابتهم ، وشدة ، وقحوط من الغيث ، وأنا مشفق أن يخرجوا من الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا ، فإن رأيت ، فقلت : أنا أبتاع منك كذا ، وكذا من حائط - صلى الله عليه وسلم - أما من من حائط فلان مسمى ، فلا ، ولكن أبيعك كذا ، وكذا وسقا إلى أجل مسمى ، فبايعني ، فأطلقت همياني ، فأعطيته ثمانين دينارا ، ودفعها إلى الرجل ، وقال : اعجل إليهم ، وأعطهم ، فلما كان قبل محل حقي بيومين أو ثلاثة خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة ومعه  أبو بكر  ،  وعمر  ، وعثمان  ، ونفر من أصحابه ، قال زيد :  فلما صلى على الجنازة ، ودنا من جدار يجلس إليه جبذت بردائه جبذة حتى سقط عن عاتقه ، ثم أقبلت عليه بوجه جهم غليظ ، فقلت : ألا تقضيني يا محمد ،  والله ما علمتكم يا بني عبد المطلب  لمطل ، قال زيد :  فأرعدت فرائص  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - كالفلك المستدير ، ثم رماني ببصره ، ثم قال : أي عدو الله ، تقول هذا لرسول الله ؟ وتصنع به ما أرى ؟ وتقول له ما أسمع ؟ فوالذي بعثه بالحق لولا ما أخاف فوته لضربت بسيفي رأسك ، قال زيد :  ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلى عمر  في سكون ، وتؤدة ، وتبسم ، ثم قال : أنا وهو أحوج إلى غير هذا منك عمر  ، فقضاني ، وأعطاني عشرين صاعا من تمر ، فلما فرغ قلت له : أتعرفني يا عمر ؟  قال : لا ، قلت : أنا زيد بن سعنة  ، قال عمر :  الحبر ؟ قلت : نعم ، قال عمر :  فما حملك على ما صنعت ؟ قال زيد :  فقلت له : إنه لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نظرت إليه إلا اثنتين أحببت أن أخبرهما منه : يسبق حلمه جهله ، ولا يزيده  [ ص: 234 ] الجهل إلا حلما ، فرضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد  رسولا ، وأشهدك يا عمر  ، أن شطر مالي - فإني أكثر أهلها مالا - صدقة على أمة محمد   - صلى الله عليه وسلم - ، قال عمر :  أو على بعضهم ، فإنك لا تسعهم ، قال زيد :  أو بعضهم ، فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال زيد : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  عبده ، ورسوله ، وآمن به ، وصدقه ، وشهد معه مشاهد كثيرة ، وهلك في غزوة تبوك  مقتولا ،  قال الوليد :  ذكره محمد بن حمزة  ، عن أبيه ، عن جده  عبد الله بن سلام .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					