[ ص: 120 ] وأنشدني المنتصر بن بلال الأنصاري :
لن يسمع الأحمق من واعظ في رفعه الصوت وفي همه لن تبلغ الأعداء من جاهل
ما يبلغ الجاهل من نفسه والحمق داء، ما له حيلة
ترجى، كبعد النجم في لمسه
قال رضي الله عنه: أظلم الظلمات الحمق،كما أن أنفذ البصائر العقل، فإذا امتحن المرء بعشرة الأحمق كان الواجب عليه اللزوم لأخلاق نفسه، والمباينة لأخلاقه، مع الإكثار من الحمد لله على ما وهب له من الانتباه لما حرم غيره التوفيق له، فإن جرى الأحمق في صحبته ميدانه في عشرته فالواجب على العاقل لزوم السكوت حينئذ في أوقاته، لأن أبو حاتم أبا حمزة محمد بن عمر بن يوسف أنبأنا بنسا حدثنا ، حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: سمعت ابن داود يقول: السكوت للأحمق جواب. الأعمش
قال رضي الله عنه: وإن من الحمقى من لا يصده عن سلوكه السكوت عنه، ولا يدفعه عن دخول المكامن الإغضاء عنه ولا ينفعه. أبو حاتم
فالعاقل إذا امتحن بعشرة من هذا نعته تكلف بعض التجاهل في الأحايين; لأن بعض الحلم إذعان ،كما أن استعماله في بعض الحالات قطب العقل.
ولقد أنشدني محمد بن إسحاق الواسطي :
لئن كنت محتاجا إلى الحلم إنني إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم ومن شاء تعويجي فإني معوج
وما كنت أرضى الجهل خدنا ولا أخا ولكنني أرضى به حين أحرج
فإن قال بعض الناس: فيه سماجة ، فقد صدقوا، والذل بالحر أسمج
وأنشدني علي بن محمد البسامي:
[ ص: 121 ]
لن ترضي الرذل إلا حين تسخطه وليس يسخط إلا حين ترضيه
ولا يسوءك إلا حين تكرمه ولا يسرك إلا حين تقصيه