قال رضي الله عنه: أبو حاتم وليس شيء أروح للبدن من الرضا بالقضاء، والثقة بالقسم; ولو لم يكن في القناعة خصلة تحمد إلا الراحة وعدم الدخول في مواضع السوء، لطلب الفضل لكان الواجب على العاقل ألا يفارق القناعة على حالة من الأحوال. من أكثر مواهب الله لعباده وأعظمها خطرا [ ص: 150 ] القناعة،
ولقد أنبأنا عمر بن حفص بن عمرو البزار ، حدثنا ، حدثنا أبو مسعود محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل ، حدثنا عبد الله بن إبراهيم المدني حدثنا أبو بكر بن محمد بن المنكدر عن أبيه قال " القناعة مال لا ينفد ".
سمعت محمد بن المنذر يقول: سمعت يقول: قال عبد العزيز بن عبد الله محمد بن حميد الأكاف :
تقنع بالكفاف، تعش رخيا ولا تبغ الفضول من الكفاف ففي خبز القفار بغير أدم
وفي ماء الفرات غنى وكاف وفي الثوب المرقع ما يغطى
به من كل عري وانكشاف وكل تزين بالمرء زين
وأزينه التزين بالعفاف
وأنشدني الكريزي :
لعمرك ما طول التعطل ضائري ولا كل شغل فيه للمرء منفعه
إذا كانت أرزاق في القرب والنوى عليك سواء فاغتنم راحة الدعه
وإن ضقت فاصبر يفرج الله ما ترى ألا رب ضيق في عواقبه سعه
وأنشدني محمد بن إسحاق الواسطي :
الحمد لله حمدا دائما أبدا لقد تزين أهل الحرص والشين
لا زين إلا لراض في تقلله إن القنوع لثوب العز والدين
قال رضي الله عنه: العاقل يعلم أن الإنسان لم يوضع على قدر الأحظاء: وأن من عدم القناعة لم يزده المال غنى، فتمكن المرء بالمال القليل مع [ ص: 151 ] قلة الهم أهنأ من الكثير ذي التبعة، والعاقل ينتقم من الحرص بالقنوع، كما ينتصر من العدو بالقصاص، لأن السبب المانع رزق العاقل هو السبب الجالب رزق الجاهل. أبو حاتم
وأنشدني محمد بن سعيد القزاز، أنشدنا محمد بن خلف التيمي، أنشدني رجل من خزاعة :
رأيت الغنى والفقر حظين قسما فأحرم محتال وذو العي كاسب
فهذا ملح دائب غير رابح وهذا مريح رابح غير دائب
وأنشدني عبد العزيز بن سليمان الأبرش :
إذا المرء لم يقنع بعيش، فإنه وإن كان ذا مال من الفقر موقر
إذا كان فضل الناس يغنيك بينهم فأنت بفضل الله أغنى وأيسر