أنبأنا محمد بن المهاجر ، حدثنا أحمد بن أبي بكر بن خالد اليزيدي ، عن قطبة بن العلاء بن المنهال، قال: سمعت يقول: سمعت المبارك بن سعيد يقول: قال الأعمش الشعبي: إن كرام الناس أسرعهم مودة، وأبطؤهم عداوة، مثل الكوب من الفضة يبطئ الانكسار، ويسرع الانجبار، وإن لئام الناس أبطؤهم مودة، وأسرعهم عداوة، مثل الكوب من الفخار، يسرع الانكسار، ويبطئ الانجبار.
قال - رضي الله عنه - : أبو حاتم ومن سأله أعطاه، ومن لم يسأله ابتدأه، وإذا استضعف أحدا رحمه، وإذا استضعفه أحد رأى الموت أكرم له منه، واللئيم بضد ما وصفنا من الخصال كلها. الكريم من أعطاه شكره، ومن منعه عذره، ومن قطعه وصله، ومن وصله فضله،
ولقد أنبأنا أحمد بن قريش بن عبد العزيز ، حدثنا إبراهيم بن محمد الذهلي ، حدثنا أحمد بن الخليل ، حدثنا ، عن يحيى بن أيوب أبي عيسى قال: كان كريم النفس، يخالط الناس بأخلاقهم، ويأكل معهم، قال: فربما اتخد لهم الشواء، والجواذبات، والخبيص، وربما خلا وأصحابه الذين يأنس بهم فيتصارعون، قال: وكان يعمل عمل رجلين، وكان إذا صار إلى نفسه أكل عجينا. إبراهيم بن أدهم
[ ص: 175 ] قال - رضي الله عنه - : أجمع أهل التجارب للدهر، وأهل الفضل في الدين، والراغبون في الجميل: على أن أبو حاتم لأن الكرم يحسن الذكر، ويشرف القدر، وهو طباع ركبها الله في بني آدم، فمن الناس من يكون أكرم من أبيه، وربما كان الأب أكرم من ابنه، وربما كان المملوك أكرم من مولاه، ورب مولى أكرم من مملوكه. أفضل ما اقتنى الرجل لنفسه في الدنيا، وأجل ما يدخر لها في العقبى هو لزوم الكرم، ومعاشرة الكرام؛
ولقد أحسن الذي يقول:
رب مملوك إذا كشفته كان من مولاه أولى بالكرم فهو ممدوح على أحواله
وترى مولاه يهجى ويذم وتراه كيف يعلو دائما
وترى مولاه من تحت القدم وفتى تلقى أباه دونه
وأبا تلقاه أعلى وأتم من بنيه، ثم لا يعتل إن
طلب المعروف منه بالصمم وكذلك الناس - فاعلم - ربنا
قدر الأخلاق فيهم وقسم
وأنشدني الأبرش:
رأيت اللين لا يرضى بضيم لأن الضيم يسخطه الكريم
فليس يحبه خلق لئيم وإن اللين أكرم كل شيء
فإن نزل الأذى واللين قلبا فإن اللين يرحل لا يقيم
ويبقى للأذى في القلب صحب من البغضاء يلبث لا يريم