قال العاقل لا يبيع حظ آخرته بما قصد في العلم لما يناله من حطام هذه الدنيا; لأن العلم ليس القصد فيه نفسه دون غيره; لأن المبتغى من الأشياء كلها نفعها لا نفسها، والعلم ونفس العلم شيئان، فمن أغضى عن نفعه لم ينتفع بنفسه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، والعلم له أول وآخر. أبو حاتم:
كما حدثنا أحمد بن علي بن المثنى ، حدثنا ، حدثنا عمرو الناقد قال: سمعت يحيى بن اليمان سفيان يقول " وأنشدني الأبرش : أول العلم الإنصات، ثم الاستماع، ثم الحفظ، ثم العمل به، ثم النشر "
تعلم فليس المرء يولد عالما وليس أخو علم كمن هو جاهل وإن كبير القوم لا علم عنده
صغير إذا التفت عليه المحافل
[ ص: 35 ] أخبرنا ، حدثنا أبو يعلى إسحاق بن إسماعيل الطالقاني ، حدثنا جرير ، عن ، عن برد بن سنان قال: قال سليمان بن موسى " لا تكون عالما حتى تكون متعلما، ولا تكون بالعلم عالما حتى تكون به عاملا ". أبو الدرداء
قال العاقل لا يشتغل في طلب العلم إلا وقصده العمل به; لأن من سعى فيه لغير ما وصفنا ازداد فخرا وتجبرا وللعمل تركا وتضييعا، فيكون فساده في المتأسين به فيه أكثر من فساده في نفسه، ويكون مثله كما قال الله تعالى ( أبو حاتم: ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون ) .
أخبرنا محمد بن إبراهيم الخالدي ، حدثنا داود بن أحمد ، حدثنا عبد الرحمن بن عفان قال: سمعت يقول " الفضيل بن عياض في جهنم أرحية تطحن العلماء طحنا، فقيل: من هؤلاء؟ قال: قوم علموا فلم يعملوا ".
أخبرنا عبد الله بن محمد السعدي ، حدثنا محمد بن النضر بن مساور ، حدثنا ، عن جعفر بن سليمان قال " إذا طلب الرجل العلم ليعمل به سره علمه، وإذا طلب العلم لغير أن يعمل به زاده علمه فخرا ". مالك بن دينار
أخبرنا محمد بن عمر بن سليمان ، حدثنا ، حدثنا محمد بن رافع حدثني محمد بن بشر سلمة بن الخطاب ، عن عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء قال: قال " الحسن ومن أراد علما ثم ازداد على الدنيا حرصا لم يزدد من الله إلا بعدا، ولم يزدد من الله إلا بغضا ". من أحب الدنيا وسرته ذهب خوف الآخرة من قلبه،
أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد حدثني أحمد بن إبراهيم الحدثي حدثني إسماعيل بن الحارث حدثني محمد بن الحسن المديني ، حدثنا " أن أبو العوام إبراهيم سمع صوت هاتف وهو يقول :
يا طالب العلم باشر الورعا وباين النوم، واهجر الشبعا
ما ضر عبدا صحت إرادته أجاع يوما في الله أو شبعا
[ ص: 36 ] ما ضر عبدا صحت عزائمه أين من الأرض، أينما صقعا
ما طمعت نفس عابد فنوى سؤال قوم إلا لهم خضعا
يا أيها الناس ما لعالمكم في بحر ماء الملوك قد كرعا
يا أيها الناس أنتم زرع يحصده الموت كلما طلعا