حدثني محمد بن أبي علي الخلادي ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد ، عن محمد بن حميد بن فروة ، عن أبيه، قال: لما استقرت للمأمون الخلافة، دعا إبراهيم بن مهدي المعروف بابن شكلة، فوقف بين يديه، فقال: أنت المتوثب عليها تدعي الخلافة؟ فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين، أنت ولي الثأر، محكم في القصاص، والعفو أقرب للتقوى، وقد جعلك الله فوق كل ذي ذنب، كما جعل كل ذي ذنب دونك، فإن أخذت أخذت بحق، وإن عفوت عفوت بفضل، ولقد حضرت أبي وهو جدك، أتي برجل كان جرمه أعظم من جرمي، فأمر الخليفة بقتله وعنده فقال المبارك بن فضالة، إن رأى أمير المؤمنين أن يستأني في أمر هذا الرجل حتى أحدثه بحديث سمعته من الحسن يحدث به عن رسول الله [ ص: 277 ] - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: إيه يا مبارك، قال: حدثني الحسن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: المبارك بن فضالة: "إذا كان يوم القيامة نادى مناد مناد من بطنان العرش ألا ليقم العافون من الخلفاء، فلا يقوم إلا من عفا"،فقال الخليفة له: يا مبارك، قد قبلت الحديث، وعفوت عنه، اخرج أيها الرجل، فلا سبيل لأحد عليك، فقال المأمون: يا عم ها هنا، يا عم ها هنا.
قال - رضي الله عنه - : أبو حاتم لئلا يطغيه ما هو فيه من تسلطه، بل يذكر عظمة الله، وقدرته، وسلطانه، وأنه هو المنتقم ممن ظلم، والمجازي لمن أحسن، فليلزم في إمرته السلوك الذي يؤديه إلى اكتساب الخير في الدارين، وليعتبر بمن كان قبله من أشكاله، فإنه لا محالة مسؤول عن شكر ما هو فيه، كما هو لا محالة مسؤول عن حسابه؛ إذ المصطفى - صلى الله عليه وسلم - قال: الواجب على من ملك أمور المسلمين الرجوع إلى الله - جل وعلا - في كل لحظة وطرفة؛ "يقول الله - تبارك وتعالى - يوم القيامة: ألم أحملك على الخير، ورزقتك النساء، وجعلتك ترأس، وتربع؟! فيقول: بلى، فيقول: فأين شكر ذلك؟".
وأنشدني ابن زنجي البغدادي:
يدبر أسباب الرجال مؤمر إذا صلحت في الصدر أشفى وأبين من العقل أن تحتاط فيما وليته
وتحسم ما تخشاه، والأمر ممكن