الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          [ ص: 330 ] قوله في : [28] باب قول الله تعالى : وأمرهم شورى بينهم   .

                                                                                                                                                                                          وشاور النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أصحابه يوم أحد في المقام والخروج ، فرأوا له الخروج ، فلما لبس لأمته وعزم ، قالوا : أقم . فلم يمل إليهم بعد العزم . وقال : "لا ينبغي لنبي يلبس لأمته ، فيضعها حتى يحكم الله" وشاور عليا وأسامة فيما رمى [به] أهل الإفك عائشة ، فسمع منهما حتى نزل القرآن ، فجلد الرامين .

                                                                                                                                                                                          أما قصة المشاورة يوم أحد (فرويناها ) من طريق ابن عباس ، ومن طريق جابر .

                                                                                                                                                                                          أما حديث ابن عباس ، فرواه الحاكم في المستدرك ، قال : ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، ثنا ابن وهب .

                                                                                                                                                                                          وقال الطبراني فيما أنا أحمد بن بلغاق ، عن إسحاق بن يحيى ، أنا يوسف بن خليل الحافظ ، أنا محمد بن أبي زيد ، أنا محمود بن إسماعيل ، أنا أبو الحسين بن فاذشاه . ح .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 331 ] وقرأت على فاطمة بنت المنجا ، عن سليمان بن حمزة ، أن الضياء محمد بن عبد الواحد الحافظ ، أخبرهم في المختارة : أنا أبو جعفر الصيدلاني وفاطمة بنت سعد الخير ، أن فاطمة بنت عبد الله بن الجوزدانية ، أخبرتهم : أنا أبو بكر بن ريذة ، قالا : أنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة ، ثنا يحيى بن صالح . ح .

                                                                                                                                                                                          وثنا روح بن الفرج ، ثنا يوسف بن عدي ، قالوا : ثنا ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، قال : تنقل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، سيفه ذا الفقار ، يوم بدر ، قال ابن عباس ، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد ، وذلك أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لما جاءه المشركون يوم أحد ، كان رأي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أن يقيم بالمدينة (يقاتلهم ) فيها فقال له ناس لم يكونوا شهدوا بدرا ، تخرج بنا يا رسول الله إليهم فقاتلهم بأحد ، ونرجو أن نصيب من الفضيلة ما أصاب أهل بدر ، فما زالوا برسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حتى لبس أداته ، فلما لبسها ندموا ، وقالوا : يا رسول الله ! أقم ، فالرأي رأيك ، فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "ما ينبغي لنبي أن يضع أداته بعد أن لبسها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه" قال : وكان رسول صلى الله عليه وسلم ، قال لهم يومئذ قبل أن يلبس الأداة : "إني رأيت أني في درع حصينة ، فأولتها المدينة . وأني مردف كبشا ، فأولته كبش الكتيبة ، ورأيت أن سيفي ذا الفقار فل ، فأولته فلا فيكم . ورأيت بقرا يذبح ، فبقر والله خير ، فبقر والله خير" قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد .

                                                                                                                                                                                          قلت : وهو كما قال : فقد روى النسائي ، وابن ماجه ، وأبو بكر البزار بعضه .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 332 ] ورواه أحمد بن حنبل بتمامه ، عن سريج (ابن النعمان ) ، عن ابن أبي الزناد .

                                                                                                                                                                                          وأما حديث جابر فقال الإمام أحمد في مسند جابر من مسنده : ثنا عفان ، ثنا حماد بن سلمة ، أنا أبو الزبير . ح . قال : وثنا عبد الصمد ، ثنا حماد ، عن أبي الزبير ، ثنا جابر ، أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : "رأيت كأني في درع حصينة ، ورأيت بقرا تنحر ، فأولت أن الدرع الحصينة المدينة ، وأن البقر بقر والله خير ، قال : فقال لأصحابه : لو أنا أقمنا بالمدينة ، فإن دخلوا علينا فيها قاتلناهم" ، فقالوا : والله يا رسول الله ! ما دخل علينا فيها في الجاهلية ، فكيف يدخل علينا فيها في الإسلام؟ فقال : "شأنكم إذا ، فلبس لأمته" ، قال : فقالت الأنصار : رددنا على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، رأيه فجاءوا ، فقالوا : يا نبي الله ، شأنك (إذا فأقم ) فقال : "إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل" .

                                                                                                                                                                                          رواه الدارمي ، وابن الجارود ، والنسائي من حديث حماد بن سلمة .

                                                                                                                                                                                          وإسناده صحيح . ولم أجده بتمامه إلا من الطريق التي سقتها .

                                                                                                                                                                                          وأما حديث الإفك فقد أسنده المؤلف في "المغازي" وغيره . وفي "هذا الباب" مختصرا من حديث الزهري . وقال بعده : وقال أبو أسامة ، عن هشام يعني عروة .

                                                                                                                                                                                          وقد تقدم الكلام على حديث أبي أسامة في "التفسير" وليس في شيء من [ ص: 333 ] طرق هذا الحديث عنده ذكر جلد الرامين لعائشة .

                                                                                                                                                                                          وقد وقع فيما أخبرنا عبد الله بن عمر ، أنا أحمد بن محمد ، أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم ، (أنا عبد الله بن أحمد ) ، أنا هبة الله بن محمد ، أنا الحسن بن علي ، أنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا محمد بن أبي عدي ، عن محمد بن إسحاق . ح . وأنبأنا به عاليا إبراهيم بن أحمد ، شفاها ، عن أحمد بن أبي طالب ، عن محمد بن عبد الواحد ، أن المبارك بن أحمد بن بركة ، كتب إليهم ، أنا أبو الغنائم بن المنتاب ، أنا أبو محمد بن البيع ، ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ، أنا أبو موسى محمد بن المثنى ، ثنا ابن أبي عدي ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : "لما نزلت براءتي ، قام رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، على المنبر ، فدعا بهم وحدهم" . لفظ أحمد .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو موسى ، فذكر ذلك ، وتلا القرآن ، فلما نزل أمر برجلين ، وامرأة ، فضربوا حدهم .

                                                                                                                                                                                          رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث ابن أبي عدي ، عن محمد بن إسحاق نحوه . وقال الترمذي : حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن إسحاق .

                                                                                                                                                                                          ورواه البيهقي من طريق ابن إسحاق ، وصرح في روايته بسماع ابن إسحاق من عبد الله بن أبي بكر .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو داود أيضا : حدثنا النفيلي ، ثنا محمد بن سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، فذكره ولم يذكر عائشة ، وفيه فأمر برجلين وامرأة ممن تكلم بالفاحشة ، حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة ، قال النفيلي : والمرأة يقولون حمنة بنت جحش .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 334 ] قوله فيه : ولم يلتفت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، إلى تنازعهم ، ولكن حكم بما أمره الله .

                                                                                                                                                                                          هذا بقية من كلامه ، أشار بها إلى القصتين جميعا في "أحد" وفي "الإفك" والله أعلم .

                                                                                                                                                                                          قوله فيه : ورأى أبو بكر قتال من منع الزكاة . . . الحديث .

                                                                                                                                                                                          أسنده في "الاعتصام" وغيره وقد تقدم .

                                                                                                                                                                                          قوله فيه : قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : "من بدل دينه فاقتلوه" .

                                                                                                                                                                                          هذا طرف من حديث عكرمة قال : بلغ ابن عباس "أن عليا حرق قوما ، فقال فذكر قصة فيها ، لأن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : "من بدل دينه فاقتلوه" .

                                                                                                                                                                                          وقد أسنده المؤلف في "الجهاد" وغيره من طريقه .

                                                                                                                                                                                          قوله فيه : وكان القراء أصحاب مشورة عمر كهولا ، كانوا أو شبانا ، وكان وقافا عند كتاب الله ، عز وجل .

                                                                                                                                                                                          أسنده في "تفسير سورة الأعراف" من حديث ابن عباس ، وفي قصة الحر ابن قيس .

                                                                                                                                                                                          قوله فيه : قال أبو أسامة ، عن هشام يعني عن عروة ، عن عائشة في قصة الإفك ، تقدمت الإشارة إليه قبل .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية