الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          ح وحدثنا محمد بن عيسى ، ثنا سلمة بن الفضل هو الأبرش ، عن محمد ، حدثني صدقة بن يسار ، عن عقيل بن جابر ، عن جابر ، قال: خرجنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في غزوة ذات الرقاع، فأصاب رجل من المسلمين امرأة رجل من المشركين، وكان زوجها غائبا، فلما قدم حلف أن ينتهي حتى يهريق دما في أصحاب محمد، صلى الله عليه وسلم، فخرج يقتص أثر أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، فنزل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، منزلا، فقال: [من يكلؤنا] ليلتنا هذه،  فانتدب رجلان، رجل من المهاجرين، ورجل من الأنصار، فقالا: نحن يا رسول الله ! فقال: كونا بفم الشعب، وكانوا نزلوا إلى شعب، فلما كان الليل، قال الأنصاري للمهاجري: أي الليل أحب إليك أن أكفيكه أوله أو آخره؟ قال: فقال المهاجري: اكفني أوله. فاضطجع المهاجري، وقام الأنصاري يصلي، وجاء المشرك، فلما رأى شخصه، عرف أنه ربيئة القوم، فرماه بسهم، فوضعه فيه، فانتزعه، [ ص: 115 ] فوضعه، وثبت قائما، ثم دعا له بسهم آخر، فوضعه فيه، فانتزعه، فوضعه، ثم دعا له بثالث، فوضعه فيه، فانتزعه، فوضعه، ثم ركع وسجد، ثم أهب صاحبه، فقال: قم، فقد أثبت أراه، فلما رأى أنهما قد نذرا به هرب، قال: فلما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدماء، قال سبحان الله ! هلا أنبهتني في أول ما رمى. قال: كنت في سورة أقرأها، فلم أحب أن أقطعها حتى أنفذها، فلما تتابع علي الرمي ركعت، وسجدت، ثم أذنتك، وايم الله، لولا أني خشيت أن أضيع ثغرا، أمرني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها، أو أنفذها". لفظ ابن المقرئ.

                                                                                                                                                                                          رواه الإمام أحمد في مسنده، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق.

                                                                                                                                                                                          ورواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث يونس بن بكير ، وسلمة بن الفضل كما ذكرناه.

                                                                                                                                                                                          ورواه ابن حبان في صحيحه: عن الحسن بن سفيان ، عن حبان بن موسى ، عن ابن المبارك (به) .

                                                                                                                                                                                          ورواه أبو داود في سننه، منفردا به، عن أبي ثوبة الربيع بن نافع ، عن ابن المبارك فوقع لنا بدلا عاليا.

                                                                                                                                                                                          ورواه الحاكم في مستدركه: عن أبي العباس الأصم ، عن أحمد بن عبد الجبار ، [ ص: 116 ] عن يونس بن بكير به.

                                                                                                                                                                                          و (هو) من طريق إسحاق بن راهويه ، عن وهب بن جرير ، عن أبيه ، عن ابن إسحاق. ورواه الدارقطني في سننه من حديث يونس بن بكير.

                                                                                                                                                                                          وفي طريق أبي داود وغيره: عن محمد بن إسحاق: حدثني صدقة بن يسار ، بتصريح ابن إسحاق بالسماع له من صدقة. ولهذا صححه ابن خزيمة ومن تابعه.

                                                                                                                                                                                          وصدقة بن يسار جزري ، وثقه ابن معين ، وأحمد ، وأبو داود ، وابن سعد وغيرهم، وروى له مسلم في صحيحه، وما علمت فيه جرحا، وقال ابن سعد: توفي في أول خلافة بني العباس. قلت: وكان أول خلافتهم في سنة اثنتين وثلاثين ومائة. فهو من متأخري شيوخ محمد بن إسحاق.

                                                                                                                                                                                          وعقيل بن جابر لم يرو عنه سوى صدقة، وذكره ابن حبان في الثقات على عادته فيمن لم يجرح، وروى عنه ثقة.

                                                                                                                                                                                          وتعليق أبي عبد الله له، بصيغة التمريض، إما لكونه اختصره، وإما للاختلاف في ابن إسحاق ، وما انضاف إليه من عدم العلم بعدالة عقيل، والله أعلم.

                                                                                                                                                                                          والرجلان المذكوران سميا في رواية البيهقي لهذا الحديث في كتاب دلائل النبوة، فالمهاجري عمار بن ياسر ، والأنصاري عباد بن بشر ، وسمى السورة التي كان يقرأ بها وهي الكهف. [ ص: 117 ]

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية