ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فهزموهم بإذن الله وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين
[ ص: 361 ] قوله: ولما برزوا لجالوت أي: خرجوا لقتال جالوت، وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا الإفراغ: الصب، يقال: أفرغت الإناء، إذا صببت ما فيه.
والمعنى: اصبب علينا الصبر أتم صب وأبلغه، وثبت أقدامنا بتقوية قلوبنا، وانصرنا وأحسن معونتنا، على القوم الكافرين يريدون: جالوت وجنوده.
قوله: فهزموهم هذه الآية تتصل بما قبلها بتقدير محذوف، كأنه قيل: فأنزل الله صبرا ونصرا فهزموهم.
أي: كسروهم، ومعنى الهزم في اللغة: الكسر، يقال: هزمت العظم القصبة هزما، إذا كسرته.
وقتل داوود جالوت وكان عبر النهر مع طالوت، رمى جالوت بحجر من مقلاعه فوقع بين عينيه فخرج من قفاه، فخر قتيلا، وآتاه الله الملك والحكمة جمع له بين الملك والنبوة، قال يعني: بعد ابن عباس: طالوت.
وعلمه مما يشاء يعني: صنعة الدروع، والتقدير في السرد، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض قال ابن عباس ولولا دفع الله بجنود المسلمين وسراياهم ومرابطهم لغلب المشركون على الأرض فقتلوا المؤمنين، وخربوا البلاد والمساجد. ومجاهد:
وقال سائر المفسرين: لولا دفع الله بالمؤمنين والأبرار عن الكفار والفجار لفسدت الأرض بمن فيها.
يدل على هذا ما
أخبرنا منصور بن عبد الوهاب البزاز، حدثنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري، حدثنا [ ص: 362 ] حدثنا محمد بن المسيب، أبو حميد الحمصي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عن حفص بن سليمان، عن محمد بن سوقة، وبرة بن عبد الرحمن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن عمر ثم قرأ ابن عمر: "إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء" ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض قوله: عن ولكن الله ذو فضل على العالمين حيث لم يهلكهم ولم يؤاخذهم عاجلا بعقوبة جناياتهم.
قوله: تلك آيات الله أي: هذه الآيات التي أنبأتك بها آيات الله، أي: علاماته التي تدل على توحيده، نتلوها عليك نقرأها عليك على لسان جبريل، بالحق أي: بالصدق، وإنك لمن المرسلين أي: أنت من هؤلاء الذين قصصت آياتهم، لأنك قد أعطيت مثل ما أعطوا وزيادة.
[ ص: 363 ]