قوله: وأنه تعالى جد ربنا الاختيار كسر إن؛ لأنه من قول الجن لقومهم، فهو معطوف على قوله: فقالوا إنا سمعنا قرآنا ، وقالوا: (وإنه تعالى جد ربنا) ، وأما من فتح، فقال : رد أن في كل السورة على قوله: الفراء فآمنا به وآمنا بكل ذلك، ففتح "أنه" لوقوع الإيمان عليه، ومعنى: جد ربنا جلال ربنا، وعظمته، يقال: جد فلان أي: عظم، ومنه الحديث: "كان الرجل إذا قرأ البقرة جد فينا، أي: عظم قدره"، قال : تعالى جلال ربنا، وعظمته عن أن يتخذ صاحبة، أو ولدا. الزجاج
وهو قوله: ما اتخذ صاحبة ولا ولدا .
وأنه كان يقول سفيهنا يعني: الكفار والمشركين منهم، وقال ، مجاهد : هو إبليس. وقتادة
على الله شططا كذبا، وجورا، وهو وصفه بالشرك والولد.
وأنا ظننا قالت الجن: إنا ظننا أن الإنس والجن كانوا لا يكذبون على الله، بأن له شريكا، وصاحبة، وولدا أي: كنا نظنهم صادقين حتى سمعنا القرآن.
قال الله تعالى: وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن وهو أن الرجل في الجاهلية كان إذا سافر، فأمسى في قفر [ ص: 364 ] من الأرض، قال: أعوذ بسيد هذا الوادي، من شر سفهاء قومه، فيبيت في جوار منهم حتى يصبح.
أخبرنا أبو نصر أحمد بن إبراهيم ، أنا عبيد الله بن محمد الزاهد ، نا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، نا ، نا محمد بن الهيثم فروة بن أبي المفر ، أنا ، عن القاسم بن مالك عبد الرحمن بن إسحاق ، عن أبيه ، عن كردم بن أبي السائب الأنصاري رضي الله عنه، قال: وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا خرجت مع أبي إلى المدينة، وذلك أول ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وآوانا المبيت إلى صاحب غنم، فلما انتصف الليل جاء ذئب، فأخذ حملا من الغنم، فوثب الراعي فنادى: يا عامر الوادي جارك، فنادى مناد لا نراه: يا سرحان أرسله، فإذا الحمل يشتد حتى دخل الغنم لم تصبه كدمة، فأنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم يعني [ ص: 365 ] سفها وطغيانا وظلما؛ وذلك أنهم كانوا يزدادون بهذا التعوذ طغيانا يقولون: سدنا الجن والإنس.
وأنهم ظنوا يقول الله تعالى: ظن الجن، كما ظننتم أيها الإنس المشركون، أنه لا بعث يوم القيامة أي: كانوا لا يؤمنوا بالبعث، كما أنكم لا تؤمنون به.