ثم أقسم، فقال: فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون ولقد رآه بالأفق المبين وما هو على الغيب بضنين وما هو بقول شيطان رجيم فأين تذهبون إن هو إلا ذكر للعالمين لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين
فلا أقسم ولا زائدة، معناه: فأقسم، بالخنس الجوار الكنس يعني: النجوم وهي تخنس بالنار فتخفى ولا ترى، وتكنس في وقت غروبها، فهذا وقت خنوسها وكنوسها.
والليل إذا عسعس أدير وذهب، وقال : أقبل بظلامه. الحسن
[ ص: 431 ] قال أهل اللغة: هو من الأضداد، يقال: عسعس الليل إذا أقبل، وعسعس إذا أدبر.
ويدل على أن المراد هاهنا أدبر، قوله: والصبح إذا تنفس أي: امتد ضوءه حتى يصير نهارا.
ثم ذكر جواب القسم، فقال: إنه لقول رسول كريم يعني: جبريل ، يقول: إن جبريل ، فأخبر به محمدا صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى وقد تقدم هذا. القرآن نزل به
ثم وصف جبريل ، فقال: ذي قوة أي: فيها كلف وأمر به، عند ذي العرش مكين يعني: في المنزلة، يقال: مكن فلان عند فلان تمكن مكانه.
مطاع ثم أي: في السماوات تطيعه الملائكة، قال المفسرون: من لجبريل أنه أمر خازن الجنة ليلة المعراج طاعة الملائكة بمحمد ، حتى فتح لمحمد صلى الله عليه وسلم أبوابها فدخلها، ورأى ما فيها، وأمر خازن جهنم ففتح له عنها، حتى نظر إليها، فذلك قوله: مطاع ثم أمين أي: على وحي الله، ورسالته إلى أنبيائه.
أخبرني عبد الرحمن بن الحسن التاجر فيما أجاز لي، أنا عمر بن أحمد الواعظ ، نا عثمان بن أحمد الدقاق ، نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، نا المسيب بن شريك ، نا بريد بن أبي زياد ، عن ، قال: معاوية بن قرة لجبريل : ما أحسن ما أثنى عليك ربك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين فما كانت قوتك؟ وما كانت أمانتك؟ قال: أما قوتي، فإني بعثت إلى مدائن لوط وهي أربع مدائن وفي كل مدينة أربع مائة ألف مقاتل سوى الذراري، فحملتهم من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماء أصوات الدجاج ونباح الكلاب، ثم هويت بهن فقلبتهن، وأما أمانتي فإني لم أومر بشيء فعدوته إلى غيره.