الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 575 ] تفسير سورة الناس.

                                                                                                                                                                                                                                      ست آيات، مكية.

                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم.

                                                                                                                                                                                                                                      قل أعوذ برب الناس  ملك الناس  إله الناس  من شر الوسواس الخناس  الذي يوسوس في صدور الناس  من الجنة والناس  

                                                                                                                                                                                                                                      قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس قال الزجاج : هو الشيطان ذو الوسواس.

                                                                                                                                                                                                                                      الخناس قال مجاهد : إذا ذكر الله خنس وانقبض، وإذا لم يذكر الله انبسط على القلب  ، وهذا معنى ما:

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرناه محمد بن عبد الرحمن بن أحمد الغازي ، أنا محمد بن أحمد بن حمدان بن علي ، أنا أحمد بن علي بن المثنى ، نا محمد بن بجير ، نا عدي بن أبي عمارة ، نا زياد النميري ، عن أنس بن مالك ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم ، فإن ذكر الله خنس، وإن نسي التقم قلبه  فذلك الوسواس الخناس" وقد وصفه الله تعالى بهذا، فقال: الذي يوسوس في صدور الناس أي: بالكلام الخفي، الذي يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر أن هذا الشيطان الذي يوسوس في صدور الناس: من الجنة وهم الشياطين، وعطف قوله: والناس على الوسواس المعنى: من شر الوسواس، ومن شر الناس، كأنه أمر أن يستعيذ من شر الجن والإنس.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الخشاب ، أنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري ، أنا عمران بن موسى بن مجاشع ، نا هدبة بن خالد ، نا حماد بن سلمة ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، قال: قلت لأبي بن كعب : إن ابن مسعود لا يكتب في مصحفه المعوذتين،  فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال جبريل قل أعوذ برب الفلق فقلتها: [ ص: 576 ] قل أعوذ برب الناس " فقلتها فنحن نقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو منصور بن طاهر التميمي ، أنا محمد بن عبد الله بن علي بن زياد الدقاق ، نا محمد بن إبراهيم البوشنجي ، نا عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل ، نا زهير بن معاوية ، نا عمرو بن قيس الملائي ، عن المنهال ، عن سيرين أم أبي عبيدة ، أن عبد الله دخل على امرأته وفي عنقها مير أو خيط معقود من مرض بها، وعندها نسوة فاجتذبه حتى اختنقت، فقطعه فنبذه ثم قال: لقد أصبح ابن أم عبد غنيا عن أن يكون في بيته شرك، فقال بعضهن: أو شرك هذا؟ قال: نعم، الرقى والتمائم والتولة شرك،  فقال بعضهن: وما التولة؟ قال: ما تحببن به إلى أزواجكن، فقال بعضهن: إن إحدانا يأخذها الضربان في عينها، فإذا استرقت سكن، فقال: ذاك الشيطان عدو الله ينزع في عين إحداكن فإذا استرقت كف، ولو أنه إذا أحست شيئا من ذلك أخذت كفا من ماء فنضحته في عينها، وقرأت: قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس سكن أو ذهب.  

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا آخر الكتاب، قال الشيخ الإمام علي بن أحمد الواحدي مصنف هذا التفسير: والحمد لله أولا وآخرا، وصلواته على المبعوث بالقرآن الكريم، والذكر الحكيم، وتحياته وتسليمه.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم الفراغ منه منتصف رجب، سنة إحدى وستين وأربع مائة، اللهم اقبل تقربي إليك، وسهل لي الطريق إلى كل خير من خير الدنيا والآخرة، إنك سميع الدعاء، قدير على ما تشاء.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية