قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أإنك لمن المصدقين أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون قال هل أنتم مطلعون فاطلع فرآه في سواء الجحيم قال تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم
قال قائل منهم إني كان لي قرين وذلك أن أخوين من بني إسرائيل اسم أحدهما فطرس والآخر سلخا ورث كل واحد منهما عن أبيه أربعة آلاف دينار ، فأما أحدهما فأنفق ماله في طاعة الله عز وجل ، والمشرك الآخر أنفق ماله في معصية الله عز وجل ومعيشة الدنيا ، وهما اللذان ذكرهما الله عز وجل في سورة الكهف. فلما صار إلى الآخرة أدخل المؤمن الجنة ، وأدخل المشرك النار ، فلما أدخل الجنة المؤمن ذكر أخاه ، فقال لإخوانه من أهل الجنة : إني كان لي قرين ، يعني صاحب.
يقول أإنك لمن المصدقين بالبعث أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون يعني لمحاسبون في أعمالنا ، ثم قال المؤمن لإخوانه في الجنة هل أنتم مطلعون إلى النار فتنظرون منزلة أخي ؟ فردوا عليه أنت أعرف به منا ، فاطلع أنت ، ولأهل الجنة في منازلهم كوى ، فإذا شاءوا نظروا إلى أهل النار فاطلع المؤمن فرآه فرأى أخاه في سواء يعني في وسط الجحيم أسود الوجه أزرق العينين مقرونا مع شيطانه في سلسلة قال المؤمن تالله إن كدت لتردين لتغوين ، فأنزل منزلك في النار.
ولولا نعمة ربي يقول : لولا ما أنعم الله علي بالإسلام لكنت من المحضرين النار ، ثم انقطع الكلام ، ثم أقبل المؤمن على أصحابه ، فقال : أفما نحن بميتين عرف المؤمن أن كل نعيم معه الموت ، فليس بتام إلا موتتنا الأولى التي كانت في الدنيا وما نحن بمعذبين فقيل له : إنك لا تموت فيها.
فقال عند ذلك : إن هذا لهو الفوز العظيم ثم انقطع كلام المؤمن.
[ ص: 100 ]