فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين
فلما فصل طالوت بالجنود ، وهم مائة ألف إنسان، فسار في حر شديد، فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله عز وجل مبتليكم بنهر بين الأردن وفلسطين، فمن شرب منه فليس مني ، يقول: ليس معي على عدوي، كقول إبراهيم، عليه السلام: فمن تبعني فإنه مني ، يعني معي، ومن لم يطعمه فإنه مني ، فإنه معي على عدوي، ثم استثنى، فقال: إلا من اغترف غرفة بيده ، الغرفة يشرب منها الرجل وخدمه ودابته ويملأ قربته، ووصلوا إلى النهر من مفازة، وأصابهم العطش، فلما رأى الناس الماء ابتدروا فوقعوا فيه، فشربوا منه إلا قليلا منهم ، والقليل ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، عدة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر.
فلما جاوزه ، أي جاوز النهر هو ، يعني طالوت، والذين آمنوا معه ، وكلهم مؤمنون، فقال العصاة الذين وقعوا في النهر: قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ، فرد عليهم أصحاب الغرفة، قال الذين يظنون ، يعني الذين يعلمون، كقوله سبحانه: وظن أنه الفراق ، يعني وعلم، [ ص: 133 ] وكقوله عز وجل: فظنوا أنهم مواقعوها ، وكقوله عز وجل: ألا يظن أولئك ، أي ألا يعلم أنهم ملاقو الله ; لأنهم قد طابت أنفسهم بالموت، كم من فئة ، يعني جند قليلة عددهم، غلبت فئة كثيرة عددهم بإذن الله والله مع الصابرين ، يعني بني إسرائيل في النصر على عدوهم، فرد طالوت العصاة وسار بأصحاب الغرفة حتى عاينوا العدو.