أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا
ثم وعظهم، فقال سبحانه: أفلا يتدبرون ، يعني أفلا يسمعون القرآن فيعلمون أنه، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ، يعني كذبا كبيرا ; لأن الاختلاف في قول الناس، وقول الله عز وجل لا اختلاف فيه، وإذا جاءهم ، يعني المنافقين، أمر من الأمن ، يعني شيئا من الأمر يسر المؤمنين من الفتح والخير، قصروا عما جاءهم من الخير.
[ ص: 245 ] ثم قال سبحانه: أو الخوف ، يعني فإن جاءهم بلاء أو شدة نزلت بالمؤمنين، أذاعوا به ، يعني أفشوه، فإذا سمع ذلك المسلمون كاد أن يدخلهم الشك، ولو ردوه إلى الرسول حتى يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بما كان من الأمر أو ردوه، وإلى أولي الأمر منهم ، يقول: أمراء السرايا، فيكونون هم الذين يخبرون ويكتبون به، لعلمه الذين يستنبطونه منهم ، يعني الذين يتبينونه منهم، يعني الخير على وجهه، ويحبون أن يعلموا ذلك فيعلمونه، ثم قال سبحانه: ولولا فضل الله عليكم ورحمته ، يعني ونعمته فعصمكم من قول المنافقين، لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ، نزلت في أناس كانوا يحدثون أنفسهم بالشرك.
ثم قال عز وجل: فقاتل في سبيل الله ، فأمره أن يقاتل بنفسه، لا تكلف إلا نفسك ، يعني ليس عليك ذنب غيرك، وحرض المؤمنين ، يعني وحرض على القتال، يعني على قتال العدو، عسى الله أن يكف بأس ، يعني قتال الذين كفروا والله أشد بأسا ، يعني أخذا، وأشد تنكيلا ، يعني نكالا، يعني عقوبة من الكفار، ولو لم يطع النبي صلى الله عليه وسلم أحدا من الكفار، لكفاه الله عز وجل.