لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير
قوله سبحانه: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ، نزلت في نصارى نجران الماريعقوبيين، منهم السيد والعاقب وغيرهما، قل لهم يا محمد، فمن يملك ، فمن يقدر أن يمتنع، من الله شيئا من شيء من عذابه، إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا بعذاب أو بموت، فمن الذي يحول بينه وبين ذلك؟ ثم عظم الرب جل جلاله نفسه عن قولهم حين قالوا: إن الله هو المسيح بن مريم، فقال سبحانه: ولله ملك السماوات والأرض ، يقول: إليه سلطان السماوات والأرض، وما بينهما من الخلق، يخلق ما يشاء ، يعني عيسى، شاء أن يخلقه من غير بشر، والله على كل شيء قدير من خلق عيسى من غير بشر وغيره من الخلق قدير، مثلها في آخر السورة.
وقالت اليهود يهود المدينة، منهم: كعب بن الأشرف ، ومالك بن الضيف ، وكعب بن أسيد ، وبحرى بن عمرو ، وشماس بن عمرو ، وغيرهم، والنصارى من نصارى نجران السيد والعاقب ومن معهما، قالوا جميعا: نحن أبناء الله وأحباؤه ، وافتخروا على المسلمين، وقالوا: ما أحد من الناس أعظم عند الله منزلة منا، فقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم، قل للمسلمين يردوا عليهم، فلم يعذبكم بذنوبكم ، حين زعمتم وقلتم: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة، يعني عدة ما عبدوا فيها العجل، إن كنتم [ ص: 290 ] أبناء الله وأحباءه، أفتطيب نفس رجل أن يعذب ولده بالنار؟ والله أرحم من جميع خلقه.
فقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهم: بل أنتم بشر ممن خلق من العباد، ولستم بأبناء الله وأحبائه، يغفر لمن يشاء ، يعني يتجاوز عمن يشاء فيهديه لدينه، ويعذب من يشاء فيميته على الكفر، ثم عظم الرب نفسه عز وجل عن قولهم: نحن أبناء الله وأحباؤه فقال سبحانه: ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما من الخلق يحكم فيهما ما يشاءهم عبيده وفي ملكه، وإليه المصير في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم.