الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين  قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين  

قوله سبحانه: يا أيها الرسول بلغ ، يعني محمدا صلى الله عليه وسلم، ما أنزل إليك من ربك ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا اليهود إلى الإسلام، فأكثر الدعاء، فجعلوا يستهزئون ويقولون: أتريد يا محمد أن تتخذك حنانا كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم حنانا؟ [ ص: 312 ] فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، سكت عنهم، فحرض الله، يعني فحضض الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم على الدعاء إلى الله عز وجل، وألا يمنعه ذلك تكذيبهم إياه واستهزاؤهم، فقال: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ، يعني من اليهود، فلا تقتل، إن الله لا يهدي القوم الكافرين ، يعني اليهود، فلما نزلت هذه الآية، أمن النبي صلى الله عليه وسلم من القتل والخوف، فقال: " لا أبالي من خذلني ومن نصرني "، وذلك أنه كان يخشى أن تغتاله اليهود فتقتله.

ثم أخبره ماذا يبلغ، فقال تعالى: قل يا أهل الكتاب ، يعني اليهود والنصارى، لستم على شيء من أمر الدين، حتى تقيموا التوراة والإنجيل ، يقول: حتى تتلوهما حق تلاوتهما كما أنزلهما الله عز وجل، "و" تقيموا وما أنزل إليكم من ربكم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تحرفوه عن مواضعه، فهذا الذي أمر الله عز وجل أن يبلغ أهل الكتاب، وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك ، يعني ما في القرآن من أمر الرجم والدماء، طغيانا وكفرا ، يعني وجحودا بالقرآن، فلا تأس على القوم ، يعني فلا تحزن يا محمد صلى الله عليه وسلم على القوم الكافرين ، يعني أهل الكتاب إذ كذبوك بما تقول.

التالي السابق


الخدمات العلمية