وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون
وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ، وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ، ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون .
وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم ، وذلك أن موسى، عليه السلام، قالت له بنو إسرائيل وهم في التيه: كيف لنا بالأبنية، وقد نزلنا في القفر، وخرجنا من العمران من حر الشمس، فظلل الله عز وجل عليهم الغمام الأبيض يقيهم حر الشمس، ثم إنهم سألوا موسى، عليه السلام، الطعام، فأنزل الله عليهم طعام الجنة، وهو المن والسلوى ، أما المن، فهو الترنجبين، فكان ينزل بالليل على شجرهم أبيض كالثلج، حلو مثل العسل، فيغدون عليه كل إنسان صاع لكل ليلة، فيغدون عليه فيأخذون ما يكفيهم ليومهم ذلك، لكل رجل صاع، ولا يرفعون منه في غد، ويأخذون يوم الجمعة ليومين ; لأن السبت كان عندهم لا يشخصون فيه ولا يعملون، كان هذا لهم في التيه، وتنبت ثيابهم مع أولادهم، فأما الرجال، فكانت ثيابهم عليهم لا تبلى ولا تنخرق ولا تدنس.
وأما السلوى، فهو الطير، وذلك أن بني إسرائيل سألوا موسى اللحم وهم في التيه، فسأل موسى ربه عز وجل، فقال الله: لأطعمنهم أقل الطير لحما، فبعث الله سبحانه السماء، فأمطرت لهم السلوى وهي السمانا، وجمعتهم ريح الجنوب، وهي طير حمر تكون في طريق مصر، فأمطرت قدر ميل في عرض الأرض، وقدر رمح في السماء [ ص: 51 ] بعضه على بعض، فقال الله عز وجل لهم: كلوا من طيبات ، يعني من حلال، كقوله: فتيمموا صعيدا طيبا ، يعني حلالا طيبا في غير مأثم، وإذا وجدوا الماء فهو حرام، فمن ثم قال: طيبا ، يعني حلالا من ما رزقناكم من السلوى، ولا تطغوا فيه، يعني تعصوا الله في الرزق فيما رزقكم، ولا ترفعوا منه لغد، فرفعوا وقددوا مخافة أن ينفد، ولو لم يفعلوا لدام لهم ذلك، فقددوا منه ورفعوا فدود وتغير ما قددوا منه وما رفعوا فعصوا ربهم، فذلك قوله سبحانه: وما ظلمونا ، يعني وما ضرونا، يعني ما نقصونا من ملكنا بمعصيتهم شيئا حين رفعوا وقددوا منه في غد، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ، يعني أنفسهم يضرون، نظيرها في الأعراف قوله سبحانه: من طيبات ما رزقناكم إلى آخر الآية.