وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون
وإذا رأيت ، يعني سمعت يا محمد، الذين يخوضون في آياتنا ، يعني يستهزءون بالقرآن، وقالوا ما لا يصح، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ، يعني فقم عنهم لا تجالسهم حتى يكون حديثهم في غير أمر الله وذكره، وإما ينسينك الشيطان ، يقول: فإن أنساك الشيطان فجالستهم بعد النهي، فلا تقعد بعد الذكرى ، يقول: إذا ذكرت فلا تقعد، مع القوم الظالمين ، يعني المشركين.
فقال المؤمنون عند ذلك: لو قمنا عنهم إذا خاضوا واستهزءوا، فإنا نخشى الإثم في مجالستهم، يعني حين لا نغير عليهم، فأنزل الله: وما على الذين يتقون ، يعني يوحدون الرب، من حسابهم من شيء ، يعني من مجازاة عقوبة خوضهم، واستهزائهم من شيء، ثم قال: ولكن ذكرى لعلهم يتقون إذا قمتم عنهم منعهم من الخوض والاستهزاء الحياء منكم والرغبة في مجالستكم، فيذكرون قيامكم عنهم، ويتركون الخوض والاستهزاء، ثم نسختها الآية التي في النساء: وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره الآية.
[ ص: 353 ] وذر الذين اتخذوا دينهم الإسلام لعبا ، يعني باطلا، ولهوا ، يعني لهوا عنه، وغرتهم الحياة الدنيا ، عن دينهم الإسلام، وذكر به ، يعني وعظ بالقرآن، أن تبسل نفس ، يعني لئلا تبسل نفس، بما كسبت ، يعني بم عملت من الشرك والتكذيب، فترتهن بعملها في النار، ليس لها من دون الله ولي، يعني قريبا ينفعهم، ولا شفيع في الآخرة يشفع لهم، وإن تعدل ، يعني فتفتدي هذه النفس المرتهنة بعملها، كل عدل ، فتعطى كل فداء ملء الأرض ذهبا، لا يؤخذ منها ، يعني لا يقبل منها، أولئك يعنيهم، الذين أبسلوا ، يعني حبسوا في النار، بما كسبوا لهم شراب من حميم ، يعني النار التي قد انتهى حرها، وعذاب أليم ، يعني وجيعا، بما كانوا يكفرون .