إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون
إن الله فالق الحب ، يعني خالق الحب، يعني البر، والشعير، والذرة، والحبوب كلها، ثم قال: والنوى ، يعني كل ثمرة لها نوى: الخوخ، والنبق، والمشمش، والعنب، والإجاص، وكل ما كان من الثمار له نوى، ثم قال: يخرج الحي من الميت ، يقول أخرج الناس والدواب من النطف وهي ميتة، ويخرج الطير كلها من البيضة وهي ميتة، ثم قال: ومخرج الميت من الحي ، يعني النطف والبيض من الحي، يعني الحيوانات كلها، ذلكم الله الذي ذكر في هذه الآية من صنعه وحده يدل على توحيده بصنعه، ثم قال: فأنى تؤفكون ، يقول: أنى يكذبون بأن الله وحده لا شريك له.
ثم ذكر أيضا في هذه من صنعه ليدل على توحيده بصنعه، فقال: فالق الإصباح ، يعني خالق النهار من حين يبدو أوله، وجعل الليل سكنا لخلقه يسكنون فيه لراحة أجسادهم "و" جعل والشمس والقمر حسبانا ، يقول: جعلهما في مسيرهما كالحسبان في الفلك، يقول: لتعلموا عدد السنين والحساب، وذلك أن الله قدر لهما منازلهما في السماء الدنيا، فذلك قوله: ذلك تقدير العزيز في ملكه يصنع ما أراد، العليم بما قدر من خلقه، نظيرها في يونس.
ثم قال: وهو الذي جعل لكم النجوم نورا، لتهتدوا بها بالكواكب ليلا، [ ص: 362 ] يقول: لتعرفوا الطريق إذا سرتم، في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون بأن الله واحد لا شريك له، ثم أخبر عن صنعه، فقال: وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة ، يعني خلقكم من نفس واحدة، يعني آدم وحده، فمستقر في أرحام النساء، ومستودع في أصلاب الرجال مما لم يخلقه وهو خالقه، قد فصلنا الآيات ، يعني قد بينا الآيات، لقوم يفقهون عن الله عز وجل.
ثم أخبر عن صنعه ليعرف توحيده، فقال: وهو الذي أنزل من السماء ماء ، يعني المطر، فأخرجنا به ، يعني بالمطر، نبات كل شيء ، يعني الثمار والحبوب وألوان النبات، فأخرجنا منه خضرا ، يعني أول النبات، نخرج منه ، يعني من الماء، حبا متراكبا ، يعني السنبل قد ركب بعضه بعضا، "و" أخرجنا بالماء ومن النخل من طلعها ، يعني من ثمرها، قنوان ، يعني قصار النخل، دانية ، يعني ملتصقة بالأرض تجنى باليد، "و" أخرجنا بالماء وجنات ، يعني البساتين، ثم نعت البساتين، فقال: من نخيل و أعناب والزيتون والرمان مشتبها ، ورقها في المنظر يشبه ورق الزيتون وورق الرمان، ثم قال: وغير متشابه في اللون مختلف في الطعم، انظروا إلى ثمره إذا أثمر حين يبدو غضا أوله صيصا، وينعه إن في ذلكم ، يعني إن في هذا الذي ذكر من صنعه وعجائبه لعبرة، لآيات لقوم يؤمنون ، يعني يصدقون بالتوحيد.