وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون
[ ص: 363 ] وجعلوا يعني وصفوا لله الذي خلقهم في التقديم شركاء الجن من الملائكة، وذلك أن جهينة، وبني سلمة، وخزاعة وغيرهم، قالوا: إن حيا من الملائكة يقال لهم: الجن بنات الرحمن، فقال الله: وخلقهم وخرقوا له ، يعني وتخرصوا، يعني يخلقوا لله بنين وبنات بغير علم يعلمونه أن له بنين وبنات، وذلك أن اليهود، قالوا: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقالت العرب: الملائكة بنات الله، يقول الله: سبحانه نزه نفسه عما قالوا من البهتان، ثم عظم نفسه، فقال: وتعالى ، يعني وارتفع عما يصفون ، يعني يقولون من الكذب.
فعظم نفسه وأخبر عن قدرته، فقال: بديع السماوات والأرض ، لم يكونا فابتدع خلقهما، ثم قال: إني ، يعني من أين يكون له ولد ولم تكن له صاحبة ، يعني زوجة، وخلق كل شيء ، يعني من الملائكة، وعزير، وعيسى، وغيرهم فهم خلقه وعباده وفي ملكه، ثم قال: وهو بكل شيء عليم .
ثم دل على نفسه بصنعه ليوحدوه، فقال: ذلكم الله ربكم الذي ابتدع خلقهما وخلق كل شيء ولم يكن له صاحبة ولا ولد، ثم وحد نفسه إذ لم يوحده كفار مكة، يقال: لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه ، يعني فوحدوه، وهو على كل شيء وكيل ، وهو رب كل شيء ذكر من بنين وبنات وغيرهم.
ثم عظم نفسه، فقال: لا تدركه الأبصار يقول: لا يراه الخلق في الدنيا، وهو يدرك الأبصار ، وهو يرى الخلق في الدنيا، وهو اللطيف لطف علمه وقدرته حين يراهم في السماوات والأرض، الخبير بمكانهم.
قد جاءكم يا أهل مكة، بصائر ، يعني بيان من ربكم ، يعني القرآن، نظيرها في الأعراف، فمن أبصر إيمانا بالقرآن، فلنفسه ومن عمي عن إيمان بالقرآن، فعليها ، يعني فعلى نفسه، وما أنا عليكم بحفيظ ، يعني برقيب، يعني محمدا صلى الله عليه وسلم.
[ ص: 364 ] وكذلك ، يعني وهكذا نصرف الآيات في أمور شتى، يعني ما ذكر، وليقولوا درست ، يعني قابلت ودرست، يعني تعلمت من غيرك يا محمد، فأنزل الله: وكذلك نصرف الآيات ; لئلا يقولوا: درست وقرأت من غيرك، ولنبينه ، يعني القرآن، لقوم يعلمون .