اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون
اتبع ما أوحي إليك من ربك ، وذلك حين دعي النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملة آبائه، اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ، يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: أعرض عنهم إذا أشركوا. فأنزل الله عز وجل:
ولو شاء الله ما أشركوا ، يقول " ولو شاء الله لمنعهم من الشرك، وما جعلناك عليهم حفيظا ، يعني رقيبا إن لم يوحدوا، وما أنت عليهم بوكيل ، يعني بمسيطر، فنسختها آية السيف.
ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يذكرون أوثان أهل مكة بسوء، فقالوا: لينتهين محمد عن شتم آلهتنا أو لنسبن ربه، فنهى الله المؤمنين عن شتم آلهتهم فيسبوا ربهم ; لأنهم جهلة بالله، وأنزل الله: ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله ، يعني يعبدون من دون الله من الآلهة، فيسبوا الله عدوا بغير علم يعلمونه أنهم يسبون الله، يعني أهل مكة، كذلك ، يعني هكذا زينا لكل أمة عملهم ، يعني ضلالتهم، ثم إلى ربهم مرجعهم في الآخرة، [ ص: 365 ] فينبئهم بما كانوا يعملون .
فلما نزلت هذه الآية، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " لا تسبوا ربكم " فأمسك المسلمون عند ذلك عن شتم آلهتهم، وأقسموا بالله جهد أيمانهم ، فمن حلف بالله فقد اجتهد في اليمين، وذلك أن كفار مكة حلفوا للنبي صلى الله عليه وسلم، لئن جاءتهم آية كما كانت الأنبياء تجيء بها إلى قومهم، ليؤمنن بها ليؤمنن بالآية، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل إنما الآيات عند الله ، إن شاء أرسلها وليست بيدي، وما يشعركم وما يدريكم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ، يعني لا يصدقون، لما سبق في علم الله من الشقاء.
ونقلب أفئدتهم ، يعني قلوبهم، وأبصارهم عن الإيمان، كما لم يؤمنوا به أول مرة ، يقول: كما لم يؤمن بها أوائلهم من الأمم الخالية بما سألوا من الآيات قبلها، فكذلك كفار أهل مكة لا يصدقون بها إن جاءتهم آية، ثم قال: ونذرهم في طغيانهم يعمهون ، يعني في ضلالتهم يترددون، لا نخرجهم منها أبدا.