فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم
فمن يرد الله أن يهديه لدينه، يشرح صدره للإسلام ، نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم، يعني يوسع قلبه، ومن يرد أن يضله عن دينه، يجعل صدره ضيقا بالتوحيد، يعني أبا جهل ، حتى لا يجد التوحيد من الضيق مجازا، ثم قال: حرجا شكا، كأنما يصعد في السماء ، يقول: هو بمنزلة المتكلف الصعود إلى السماء لا يقدر عليه، كذلك ، يعني هكذا، يجعل الله الرجس ، يقول: الشر: على الذين لا يؤمنون بالتوحيد.
وهذا التوحيد صراط ربك يعني دين ربك، مستقيما قد فصلنا الآيات ، يعني قد بينا الآيات في أمر القلوب في الهدى والضلالة، يعني الذي يشرح صدره للإسلام، والذي جعله ضيقا حرجا، لقوم يذكرون بتوحيد [ ص: 370 ] ثم ذكر ما أعد للموحدين، فقال: لهم دار السلام ، يعني جنة الله، عند ربهم في الآخرة، وهو وليهم ، يقول: الله وليهم في الآخرة، بما كانوا يعملون له في الدنيا، يعني يوحدون ربهم.
ويوم يحشرهم ، يعني كفار الإنس والشياطين والجن، يقول: ويوم نجمعهم، جميعا يا معشر الجن ، ثم يقول للشياطين: قد استكثرتم من الإنس ، يعني من ضلال الإنس فيما أضللتم منهم، وذلك أن كفار الإنس كانوا تولوا الجن وأعاذوا بهم، وقال أولياؤهم من الإنس ، يعني أولياء الجن من كفار الإنس، ربنا استمتع بعضنا ببعض ، كاستمتاع الإنس بالجن، وذلك أن الرجل كان إذا سافر فأدركه الليل بأرض القفر خاف، فيقول: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، فيبيت في جواره آمنا، وكان أن يقولوا: لقد سودتنا الإنس حين فزعوا إلينا، فيزدادوا بذلك شرفا، " و" قالت: استمتاع الجن بالإنس وبلغنا أجلنا الموت الذي أجلت لنا في الدنيا، فرد الله عليهم: قال النار مثواكم ، ومثوى الكافرين، خالدين فيها أبدا، إلا ما شاء الله ، واستثنى أهل التوحيد، أنهم لا يخلدون فيها، إن ربك حكيم ، يعني حكم النار لمن عصاه، عليم ، يقول: عالم بمن لا يعصيه.