قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين
[ ص: 376 ] قالوا: يا محمد، فمن أين حرمه آباؤنا؟ فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه ، يعني على آكل يأكله، إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا ، يعني يسيل، أو لحم خنزير فإنه رجس ، يعني إنما، أو فسقا ، يعني معصية، أهل لغير الله به ، يعني ذبح لغير الله، فمن اضطر إلى شيء مما حرمت عليه، غير باغ ليستحله في دينه، ولا عاد ، يعني ولا معتديا لم يضطر إليه فأكله، فإن ربك غفور لأكله الحرام، رحيم به إذ رخص له في الحرام في الاضطرار.
ثم بين ما حرم على اليهود، فقال: وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ، يعني الإبل، والنعامة، والوز، والبط، وكل شيء له خف وظفر من الدواب، والطير، فهو عليهم حرام، ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما ، وحرم عليهم الشحوم من البقر، والغنم، ثم استثنى ما أحل لهم من الشحوم، فقال: إلا ما حملت ظهورهما ، يعني ظهور البقر والغنم والأكتاف والإلية، أو الحوايا ، يعني المعى، أو ما اختلط من الشحم بعظم ، فكل هذا حلال لهم، وحرم عليهم شحوم الكليتين والثروب، ذلك التحريم، جزيناهم ببغيهم ، يعني عقوبة بقتلهم الأنبياء وبصدهم عن سبيل الله، وبأكلهم الربا، واستحلالهم أموال الناس بالباطل، فهذا البغي، وإنا لصادقون بذلك، وهذا ما أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أنه محرم، منه على المسلمين، ومنه على اليهود.
فقال كفار العرب للنبي صلى الله عليه وسلم: فإنك لم تصب، يقول الله: فإن كذبوك بما تقول من التحريم، فقل لكفار مكة، ربكم ذو رحمة واسعة ملأت رحمته كل شيء لا يعجل عليكم بالعقوبة، ولا يرد بأسه ، يقول: عذابه إذا جاء الوقت على من كذب بما يقول: عن القوم المجرمين ، يعني كفار العرب.