إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا
إن عبادي المخلصين ليس لك عليهم سلطان ملك في الكفر والشرك أن تضلهم عن الهدى، وكفى بربك وكيلا ، يعني حرزا ومانعا، فلا أحد أمنع من الله عز وجل، فلا يخلص إليهم إبليس.
ربكم الذي يزجي لكم ، يعني يسوق لكم، الفلك في البحر لتبتغوا من فضله الرزق إنه كان بكم رحيما . وإذا مسكم الضر ، يقول: إذا أصابكم في البحر ضل من تدعون ، يعني بطل، مثل قوله عز وجل: أضل أعمالهم ، يعني أبطل، من تدعون من الآلهة، يعني تعبدون فلا تدعونهم إنما تدعون الله عز وجل، فذلك قوله سبحانه: إلا إياه ، يعني نفسه عز وجل، فلما نجاكم الرب جل جلاله من البحر، إلى البر أعرضتم عن فلا تدعون الله عز وجل، الدعاء في الرخاء، وكان الإنسان كفورا للنعم حين أنجاه الله تعالى من أهوال البحر إلى البر، فلم يعبده.
ثم خوفهم، فقال سبحانه: أفأمنتم إذا أخرجتم من البحر إلى الساحل، أن يخسف بكم جانب البر ، يعني ناحية من البر، أو يرسل عليكم في البر حاصبا ، يعني الحجارة، ثم لا تجدوا لكم وكيلا ، يقول: ثم لا تجدوا مانعا يمنعكم من الله عز وجل.
ثم قال سبحانه: أم أمنتم أن يعيدكم فيه في البحر تارة أخرى ، يعني مرة أخرى، نظيرها في طه: وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ، فيرسل عليكم قاصفا ، يعني عاصفا، من الريح ، وهي الشدة، فيغرقكم بما كفرتم النعم حين أنجاكم من الغرق، ونقضتم العهد وأنتم في البر، [ ص: 266 ] ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا ، يقول: لا تجدوا علينا به تبعة مما أصبناكم به من العذاب.