وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا
وقلنا من بعده ، يعني من بعد فرعون ، لبني إسرائيل ، وهم سبعون ألفا من وراء نهر الصين معهم التوراة: اسكنوا الأرض ، وذلك من بعد موسى ، ومن بعد يوشع بن نون، فإذا جاء وعد الآخرة ، يعني ميقات الآخرة، يعني يوم القيامة، جئنا بكم وبقوم موسى ، لفيفا ، يعني جميعا.
فهم وراء الصين، فساروا من بيت المقدس في سنة ونصف سنة، ستة آلاف فرسخ، وبينهم وبين الناس نهر من رمل يجري، اسمه: أردف، يجمد كل سبت، وذلك أن فقال المؤمنون منهم: اللهم فرق بيننا وبينهم، فضرب الله عز وجل سربا في الأرض من بني إسرائيل قتلوا الأنبياء، وعبدوا الأوثان، بيت المقدس إلى وراء الصين، فجعلوا يسيرون فيه، يفتح أمامهم ويسد خلفهم، وجعل لهم عمودا من نار، فأنزل الله عز وجل عليهم المن والسلوى، كل ذلك في المسير، وهم الذين ذكرهم الله عز وجل في الأعراف: ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون . فلما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، أتاهم فعلمهم الأذان، والصلاة، وسورا من القرآن، فأسلموا، فهم القوم المؤمنون، ليست لهم ذنوب، وهم يجامعون نساءهم بالليل، وأتاهم جبريل، عليه السلام، مع النبي صلى الله عليه وسلم، فسلموا عليه قبل أن يسلم عليهم، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لولا الخطايا التي في أمتك لصافحتهم الملائكة.
وبالحق أنزلناه ، لما كذب كفار مكة ، يقول الله تبارك وتعالى: وبالحق أنزلناه ، [ ص: 276 ] من اللوح المحفوظ، يعني القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم، وبالحق نزل به جبريل، عليه السلام، لم ينزله باطلا لغير شيء، وما أرسلناك إلا مبشرا بالجنة، ونذيرا من النار.
وقرآنا فرقناه ، يعني قطعناه، يعني فرقناه بين أوله وآخره، عشرون سنة تترى، لم ننزله جملة واحدة، مثلها في الفرقان: لولا نزل عليه القرآن جملة لـ ) (كي لتقرأه على الناس على مكث ، يعني على ترتيل للحفظة، ونزلناه تنزيلا في ترسل آيات، ثم بعد آيات، يعني القرآن.