قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا
قال ذو القرنين : ما مكني فيه ربي خير ، يقول: ما أعطاني ربي من الخير، خير من جعلكم، يعني أعطيتكم، فأعينوني بقوة ، يعني بعدد رجال، مثل قوله عز وجل في سورة هود: ويزدكم قوة إلى قوتكم ، يعني عددا إلى عددكم، أجعل بينكم وبينهم ردما لا يصلون إليكم.
آتوني زبر الحديد ، يعني قطع الحديد، حتى إذا ساوى بين الصدفين ، يعني حشى بين الجبلين بالحديد، والصدفين الجبلين، وبينهما واد عظيم، فـ قال انفخوا على الحديد، حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا ، قال: أعطوني الصفر المذاب أصبه عليه ليلحمه فيكون أشد له.
يأجوج ، ومأجوج ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " انعته لي "، قال: هو كالبرد المحبر، طريقة سوداء وطريقة حمراء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " نعم قد رأيته "، قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: قد رأيت سد يقول الله عز وجل: فما استطاعوا ، يعني فما قدروا، أن يظهروه على أن يعلوه من فوقه، مثل قوله في الزخرف: ومعارج عليها يظهرون ، يعني يرقون، وما استطاعوا ، يعني وما قدروا، له نقبا . حدثنا عبيد الله ، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو صالح ، عن ، عن مقاتل أبي إسحاق ، قال: قال ، عليه السلام: إنهم خلف الردم، لا يموت منهم رجل حتى يولد له ألف ذكر لصلبه، وهم يغدون إليه كل يوم ويعالجون الردم، فإذا [ ص: 302 ] أمسوا يقولون: نرجع فنفتحه غدا، ولا يستثنون، حتى يولد فيهم رجل مسلم، فإذا غدوا إليه، قال لهم المسلم: قولوا: باسم الله، ويعالجون حتى يتركوه رقيقا كقشر البيض، ويروا ضوء الشمس، فإذا أصبحوا غدوا عليه، فيقول لهم المسلم: نرجع غدا إن شاء الله فنفتحه، فإذا غدوا عليه، قال لهم المسلم: قولوا: باسم الله، فينقبونه، فيخرجون منه، فيطوفون الأرض، ويشربون ماء الفرات، فيجيء آخرهم، فيقول: قد كان هاهنا مرة ماء، ويأكلون كل شيء حتى الشجر، ولا يأتون على شيء من غيرها إلا قاموه. علي بن أبي طالب
فلما فرغ ذو القرنين من بناء الردم: قال هذا ، يعني هذا الردم، رحمة ، يعني نعمة، من ربي ، للمسلمين، فلا يخرجون إلى أرض المسلمين، فإذا جاء وعد ربي في الردم وقع الردم، فذلك قوله: جعله دكاء ، يعني الردم وقع، فيخرجون إلى أرض المسلمين، وكان وعد ربي حقا في وقوع الردم، يعني صدقا فإذا خرجوا هرب ثلث أهل الشام، ويقاتلهم الثلث، ويستسلم لهم الثلث.
ثم أخبر سبحانه، فقال: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ، يعني يوم فرغ ذو القرنين من الردم، يموج في بعض ، يعني من وراء الردم، لا يستطيعون الخروج منه، ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا ، يعني بالجمع، لم يغادر منهم أحد إلا حشره.
وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين ، بالقرآن من أهل مكة ، عرضا ، يعني بالعرض كشف الغطاء عنهم.