الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون  ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون  وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم  فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم  أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون  إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون  

يقول الله عز وجل: ذلك عيسى ابن مريم قول الحق ، يعني هذا عيسى ابن مريم قول العدل، يعني الصدق، الذي فيه يمترون ، يعني الذي فيه يشكون في أمر عيسى صلى الله عليه وسلم، وهم النصارى.

ما كان لله أن يتخذ من ولد ، يعني عيسى صلى الله عليه وسلم، سبحانه ، نزه نفسه عز وجل، إذا قضى أمرا كان في علمه، يعني عيسى صلى الله عليه وسلم، فإنما يقول له كن فيكون ، مرة واحدة لا يثنى القول فيه مرتين.

حدثنا عبيد الله ، قال: حدثني أبي، عن الهذيل ، قال: حدثني مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، أنه قال: كن فيكون بالفارسية، لا يثنى القول مرتين، إذا قال مرة كان.

ثم قال عيسى صلى الله عليه وسلم لبني إسرائيل: وإن الله ربي وربكم فاعبدوه ، يعني فوحدوه، هذا التوحيد صراط مستقيم ، يعني دين الإسلام مستقيم،  وغير دين الإسلام أعوج ليس بمستقيم.

[ ص: 313 ] فاختلف الأحزاب ، يعني النصارى، من بينهم ، تحزبوا في عيسى صلى الله عليه وسلم ثلاث فرق: النسطورية قالوا: عيسى ابن الله، وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ، والماريعقوبية قالوا: عيسى هو الله، سبحانه وتعالى عما يقولون ، والملكانيون قالوا: إن الله ثالث ثلاثة ، يقول الله: وحده لا شريك له: فويل للذين كفروا ، يعني تحزبوا في عيسى صلى الله عليه وسلم، من مشهد يوم عظيم لديه، يعني يوم القيامة.

أسمع بهم وأبصر ، يقول: هم يوم القيامة أسمع قوم وأبصر بما كانوا فيه من الوعيد وغيره، يوم يأتوننا في الآخرة، فذلك قوله سبحانه: ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ، ثم قال سبحانه: لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين ، يعني المشركين اليوم في الدنيا في ضلال مبين، فلا يسمعون اليوم، ولا يبصرون ما يكون في الآخرة.

وأنذرهم ، يعني كفار مكة ، يوم الحسرة ، يوم يذبح الموت كأنه كبش أملح.  

حدثنا عبيد الله ، قال: حدثني أبي، عن الهذيل ، عن مقاتل ، عن عثمان بن سليم ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال: يجعل الموت في صورة كبش أملح، فيذبحه جبريل بين الجنة والنار،  وهم ينظرون إليه، فيقال لأهل الجنة: خلود فلا موت فيها، ولأهل النار: خلود فلا موت فيها، فلولا ما قضى الله عز وجل على أهل النار من تعمير أرواحهم في أبدانهم لماتوا من الحسرة.

ثم قال سبحانه: إذ قضي الأمر ، يعني إذا قضي العذاب، وهم في غفلة اليوم، وهم لا يؤمنون ، يعني لا يصدقون بما يكون في الآخرة.

إنا نحن نرث الأرض ومن عليها ، يعني نميتهم ويبقى الرب جل جلاله، ونرث أهل السماء وأهل الأرض، ثم قال سبحانه: وإلينا يرجعون ، يعني في الآخرة بعد الموت.

التالي السابق


الخدمات العلمية