الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين  إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين  ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون  أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون  تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون  

[ ص: 79 ] ومن يرغب عن ملة إبراهيم ، وذلك أن عبد الله بن سلام دعا ابني أخيه سلمة ، ومهاجرا إلى الإسلام، فقال لهما: ألستما تعلمان أن الله عز وجل قال لموسى: إني باعث نبيا من ذرية إسماعيل يقال له: أحمد، يحيد أمته عن النار، وأنه ملعون من كذب بأحمد النبي، وملعون من لم يتبع دينه؟  فأسلم سلمة ، وأبى مهاجر ، ورغب عن الإسلام، فأنزل الله عز وجل: ومن يرغب عن ملة إبراهيم ، يعني الإسلام، ثم استثنى، إلا من سفه نفسه ، يعني إلا من خسر نفسه من أهل الكتاب، ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه ، يعني إبراهيم، يعني اخترناه بالنبوة والرسالة في الدنيا، وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم ، يقول: أخلص، قال أسلمت ، يعني أخلصت لرب العالمين ، ووصى بها ، يعني بالإخلاص إبراهيم بنيه الأربعة: إسماعيل، وإسحاق، ومدين ، ومداين ، ثم وصى بها يعقوب بنيه يوسف وإخواته اثنى عشر ذكرا بنيه، ويعقوب يا بني ، أي فقال يعقوب لبنيه الاثني عشر: إن الله عز وجل اصطفى ، يعني اختار لكم الدين ، يعني دين الإسلام، فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، يعني مخلصون بالتوحيد، أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت ، وذلك أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه بدين اليهودية، فأنزل الله عز وجل: أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت ، قال الله عز وجل: إن اليهود لم يشهدوا وصية يعقوب لبنيه، إذ قال لبنيه يوسف وإخوته: ما تعبدون من بعدي أي بعد موتي، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون [ ص: 80 ] ، يعني مخلصون له بالتوحيد.

يقول: تلك أمة ، يعني عصبة، قد خلت لها ما كسبت ، من العمل، يعني الدين، يعني إبراهيم وبنيه، ويعقوب وبنيه، ثم قال لليهود، ولكم ما كسبتم من الدين، ولا تسألون عما كانوا يعملون أولئك.

التالي السابق


الخدمات العلمية