الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير  ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير  قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين  قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون  قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم  قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون  ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين  قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون  

قل لكفار مكة ادعوا الذين زعمتم من دون الله أنهم آلهة ، يعني الملائكة الذين عبدتموهم ، فليكشفوا الضر الذي نزل بكم من الجوع من السنين السبع ، نظيرها في بني إسرائيل ، فأخبر الله عز وجل عن الملائكة أنهم لا يملكون لا يقدرون على مثقال ذرة يعني أصغر وزن النمل في السماوات في خلق السماوات ولا في الأرض فكيف يملكون كشف الضر عنكم وما لهم فيهما في خلق السماوات والأرض من شرك يعني الملائكة وما له منهم من الملائكة من ظهير يعني عونا على شيء.

ثم ذكر الملائكة الذين رجوا منافعهم ، فقال جل وعز : ولا تنفع الشفاعة شفاعة الملائكة عنده لأحد إلا لمن أذن له أن يشفع من أهل التوحيد ، ثم أخبر عن خوف الملائكة أنهم إذا سمعوا الوحي خروا سجدا من مخافة الساعة ، فكيف يعبدون من هذه منزلته ؟ فهلا يعبدون من تخافه الملائكة ؟ قال : حتى إذا فزع عن قلوبهم وذلك أن أهل السماوات من الملائكة لم يكونوا سمعوا صوت الوحي ما بين زمن عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ، وكان بينهما قريب من ست مائة عام ، فلما نزل الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم سمعوا صوت الوحي ، كوقع الحديد على الصفا ، فخروا سجدا مخافة القيامة ، إذا هبط جبريل على أهل كل سماء ، فأخبرهم أنه الوحي ، فذلك قوله عز وجل : حتى إذا فزع عن قلوبهم تجلى الفزع عن قلوبهم قاموا من السجود قالوا فتسأل الملائكة بعضها بعضا ماذا قال جبريل عن ربكم قالوا الحق يعني الوحي وهو العلي الرفيع [ ص: 65 ] الكبير العظيم فلا أعظم منه قل لكفار مكة الذين يعبدون الملائكة من يرزقكم من السماوات يعني المطر والأرض يعني النبات فردوا في سورة يونس ، قالوا : الله ، يرزقنا إضمار ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : قل الله يرزقكم ، ثم انقطع الكلام ، وأما قوله : وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين قال كفار مكة للنبي صلى الله عليه وسلم : تعالوا ننظر في معايشنا من أفضل دنيا نحن أم أنتم يا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ؟ إنكم لعلى ضلالة ، فرد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم : ما نحن وأنتم على أمر واحد ، إن أحد الفريقين لعلى هدى ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم نفسه وأصحابه ، أو في ضلال مبين يعني كفار مكة الألف هاهنا صلة ، مثل قوله عز وجل : ولا تطع منهم آثما أو كفورا .

قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون قل يا محمد لكفار مكة يجمع بيننا ربنا في الآخرة وأنتم ثم يفتح يقضي بيننا بالحق بالعدل وهو الفتاح القضاء العليم بما يقضي.

قل لكفار مكة : أروني الذين ألحقتم به يعني بالله عز وجل شركاء من الملائكة هل خلقوا شيئا ؟ يقول الله عز وجل : كلا ما خلقوا شيئا ، ثم استأنف بل هو الله الذي خلق الأشياء كلها العزيز الحكيم العزيز في ملكه ، الحكيم في أمره. نظيرها في الأحقاف.

وما أرسلناك يعني يا محمد إلا كافة للناس عامة للناس بشيرا بالجنة لمن أجابه ونذيرا من النار ولكن أكثر الناس يعني أهل مكة لا يعلمون . ويقولون متى هذا الوعد الذي تعدنا يا محمد إن كنتم صادقين إن كنت صادقا بأن العذاب نازل بنا في الدنيا قل لكم ميعاد ميقات في العذاب يوم لا تستأخرون عنه عن الميعاد ساعة ولا تستقدمون يعني لا تتباعدون عنه ، ولا تتقدمون.

التالي السابق


الخدمات العلمية