الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا  وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا  وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا  إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا  

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 51 ] وترى الشمس إذا طلعت تزاور أي : تميل عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم أي : تتركهم ذات الشمال قال الحسن : يقول : لا تدخل الشمس كهفهم وهم في فجوة منه أي : في فضاء من الكهف .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : (تزاور) الأصل فيه : (تتزاور) فأدغمت التاء في الزاي ، و(تقرضهم) أصل القرض : القطع والتفرقة ، والقراءة (تقرضهم) بكسر الراء وفيه لغة أخرى (تقرضهم) بالضم . من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا أي : صاحبا يرشده .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : (المهتد) وقعت في المصحف في هذا الموضع بغير ياء ، ووقعت في الأعراف بالياء ، وحذف الياء جائز في الأسماء ، ولا [ ص: 52 ] يجوز في الأفعال .

                                                                                                                                                                                                                                      وتحسبهم أيقاظا أي : مفتحة أعينهم وهم رقود .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : الأيقاظ : المنتبهون ، والرقود : النيام . ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال قال قتادة : في رقدتهم الأولى قبل أن يموتوا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو عياض : لهم في كل عام تقليبتان وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد أي : بفناء الكهف لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : (فرارا) منصوب على المصدر ؛ لأن معنى وليت : فررت ، و(رعبا) منصوب على التمييز .

                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم وكانوا دخلوا الكهف في أول النهار ، قال : فنظروا فإذا هو قد بقي من الشمس بقية ، فقالوا : أو بعض يوم ، ثم إنهم شكوا ؛ فردوا ذلك إلى الله فقالوا : ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه أي : بدراهمكم إلى المدينة وكانت معهم دراهم فلينظر أيها أزكى طعاما تفسير سعيد بن جبير : أيها أحل .

                                                                                                                                                                                                                                      قال يحيى : وقد كان من طعام قومهم ما لا يستحلون أكله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 53 ] فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن يعلمن بكم أحدا إنهم إن يظهروا عليكم أي : يطلعوا عليكم يرجموكم يقتلوكم بالحجارة أو يعيدوكم في ملتهم الكفر ولن تفلحوا إذا أبدا إن فعلتم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية