الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا  سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا  

                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك أعثرنا عليهم أي : أطلعنا عليهم أهل ذلك الزمان الذي أحياهم الله فيه ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها لا شك فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم يعني : قومهم ؛ كانت تلك الأمة الذين هربوا منهم قد بادت ، وخلفت بعدهم أمة أخرى ، وكانوا على الإسلام ، ثم إنهم اختلفوا في البعث ؛ فقال بعضهم : يبعث الناس في أجسادهم -وهؤلاء المؤمنون كان الملك منهم- وقال بعضهم : تبعث الأرواح بغير أجساد ؛ فبعث الله أصحاب الكهف يرون أنها تلك الأمة الذين فروا منهم . [ودخل] المدينة وهي مدينة بالروم يقال لها : قبسوس ، وأخرج الدراهم ؛ ليشتري بها الطعام ، فاستنكرت الدراهم ، وأخذ فذهب به إلى ملك المدينة ؛ فإذا الدراهم [ ص: 54 ] دراهم الملك الذي فروا منه ؛ فقالوا : هذا رجل وجد كنزا ، فلما خاف على نفسه أن يعذب أطلع على أصحابه ، فقال لهم الملك : قد بين الله لكم ما اختلفتم فيه ، فأعلمكم أن الناس ليبعثون في أجسامهم ، فركب الملك والناس معه ؛ حتى أتوا إلى الكهف وتقدمهم الرجل حتى إذا دخل على أصحابه فرآهم ورأوه ماتوا ؛ لأنه قد كانت أتت عليهم آجالهم ، فقال القوم : كيف نصنع بهؤلاء ؟ ! فقالوا ابنوا عليهم بنيانا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الذين غلبوا على أمرهم رؤساؤهم وأشرافهم لنتخذن عليهم مسجدا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الله : سيقولون سيقول أهل الكتاب : ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب قال : السدي : يعني : رميا بقول الظن .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : المعنى يقولون ذلك ظنا بغير يقين . قال زهير :


                                                                                                                                                                                                                                      وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم وما هو عنها بالحديث المرجم



                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل قال قتادة : إلا قليل من الناس ، وذكر لنا أن ابن عباس كان يقول : أنا من أولئك القليل الذين استثنى الله ؛ كانوا سبعة وثامنهم كلبهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال : فلا تمار فيهم يقول الله للنبي : فلا تمار أهل الكتاب في أصحاب الكهف  إلا مراء ظاهرا أي : إلا بما أخبرتك ، في تفسير الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : المعنى : أفت في قصتهم بالظاهر الذي أنزل إليك . ولا تستفت فيهم في أصحاب الكهف منهم أحدا من اليهود .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 55 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية