قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا أي : قد أعذرت فيما بيني وبينك فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض أي : يسقط .
قال : الجدار يكون هذا على التشبيه ، ومثل هذا مستفيض في كلام العرب وأشعارها ، قال الراعي : محمد
في مهمه قلقت به هاماتها قلق الفؤوس إذا أردن نصولا)
قوله : قال لو شئت موسى قاله لاتخذت عليه أجرا أي : ما يكفينا اليوم قال هذا فراق بيني وبينك .
قال : المعنى : هذا فراق اتصالنا . محمد
أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم أي : أمامهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا وهي في بعض القراءة [ ص: 76 ] (كل سفينة صالحة) . قال : يكون " وراء " بمعنى : بعد ، وهو قوله محمد ومن ورائه عذاب غليظ ومنه قول النابغة :
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب
أي : ليس بعد مذاهب الله للمرء مذهب .
وتكون بمعنى : أمام ، ومن هذا قول القائل :
أتوعدني وراء بني رياح كذبت لتقصرن يداك عني
يريد أمام بني رياح .
قوله : وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين قال : وفي بعض القراءة : (فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين) ، قتادة فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا .
[ ص: 77 ] قال : ومعنى يرهقهما : أي : يحملهما على الرهق وهو الجهل . محمد
فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة في التقوى وأقرب رحما أي : برا ، في تفسير الحسن .
قال : محمد العطف والرحمة . الرحم في اللغة :
وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما قال الحسن : أي : مال وقتادة فأراد ربك أن يبلغا أشدهما إلى قوله : وما فعلته عن أمري أي : إنما فعلته عن أمر الله ذلك تأويل تفسير ما لم تسطع عليه صبرا .
قال : الأشد يختلف ؛ فأشد الغلام أن يشتد خلقه ويتناهى في النبات ؛ يقال : ذلك ثماني عشرة سنة وأشد الرجل : الاكتهال ، وأن يشتد رأيه وعقله وذلك ثلاثون سنة ، ويقال : ثمان وثلاثون سنة . محمد
ونصبت (رحمة) أي : فعلنا ذلك رحمة ، ويجوز أن يكون على المصدر بمعنى رحمهما بذلك رحمة .
قال يحيى : بلغني أنهما لم يتفرقا حتى بعث الله طائرا ؛ فطار إلى المشرق [ ص: 78 ] ثم طار إلى المغرب ، ثم طار نحو السماء ثم هبط إلى البحر ، فتناول من ماء البحر بمنقاره وهما ينظران : فقال الخضر لموسى : أتعلم ما يقول هذا الطائر ؟ يقول : ورب المشرق ورب المغرب ، ورب السماء السابعة ، ورب الأرض السابعة ، ما علمك يا خضر وعلم موسى في علم الله إلا قدر هذا الماء الذي تناولته من البحر في البحر .
وذكر لنا أن نبي الله قال : إنما سمي الخضر ؛ لأنه قعد على قردد بيضاء فاهتزت به خضراء .