الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم  يصهر به ما في بطونهم والجلود  ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق  إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير  وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد  إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم  

                                                                                                                                                                                                                                      هذان خصمان اختصموا في ربهم تفسير قتادة : اختصم المسلمون وأهل الكتاب ؛ فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم ، وكتابنا قبل كتابكم ، ونحن خير منكم . وقال المسلمون : كتابنا يقضي على الكتب كلها ، ونبينا خاتم النبيين ، ونحن أولى بالله منكم ، فأفلج الله أهل الإسلام ؛ فقال : هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار إلى آخر الآية . وقال إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار الآية ، وقال : خصمان : أهل الكتاب خصم ، والمؤمنون خصم ، ثم قال : (اختصموا) يعني : الجميع .

                                                                                                                                                                                                                                      يصب من فوق رءوسهم الحميم وهو الحار الشديد الحر .

                                                                                                                                                                                                                                      يصهر به أي : يذاب به ما في بطونهم والجلود أي : وتحرق به الجلود ولهم مقامع من حديد من نار كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها قال الحسن : ترفعهم بلهبها ، فإذا كانوا في أعلاها قمعتهم [ ص: 176 ] الملائكة بمقامع من حديد من نار فيهوون فيها سبعين خريفا .

                                                                                                                                                                                                                                      إن الله يدخل الذين آمنوا إلى قوله : من أساور من ذهب ولؤلؤا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : من قرأ : لؤلؤا بالنصب فالمعنى : ويحلون لؤلؤا .

                                                                                                                                                                                                                                      وهدوا إلى الطيب من القول هو لا إله إلا الله وهدوا أي : في الدنيا إلى صراط الحميد وهو الله .

                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام أي : ويصدون عن المسجد الحرام الذي جعلناه للناس قبلة سواء العاكف فيه يعني : أهل مكة (والبادي) يعني : من ينتابه من سائر الناس للحج والعمرة ؛ يقول : هم سواء في حرمه ومساكنه وحقوقه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : (سواء) القراءة فيه بالرفع على الابتداء . ومن يرد فيه بإلحاد بظلم أي : بشرك ، والإلحاد : الميل ، المعنى : ومن يرد أن يعبد غير الله فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : بإلحاد الباء فيه زائدة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 177 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية