الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقد أدخلت الآية الرابعة في الناسخ والمنسوخ.

[ ص: 432 ] باب ذكر الآية الرابعة .

قال جل ذكره: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر الآية فمن العلماء من يقول هذه الآية ناسخة للعفو عن المشركين لأنه كان قتالهم ممنوعا منه فنسخ الله تعالى ذلك.

586 - كما حدثنا بكر بن سهل ، قال: حدثنا عبد الله بن صالح ، قال حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قال: " وقوله تعالى: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر فنسخ بهذا العفو عن المشركين " وقيل هذا ناسخ لقوله تعالى: فاقتلوا المشركين وقيل بل هو تبيين لما قال تعالى: فاقتلوا المشركين وأمر في أهل الكتاب بأخذ الجزية، علم أنه يراد بالمشركين غير أهل الكتاب وقيل لما [ ص: 433 ] قال تعالى: فاقتلوا المشركين وجب قتل كل مشرك إلا من نص الله عليه من أهل الكتاب ومن قامت بترك قتله الحجة من النساء والصبيان ومن قامت بأخذ الجزية منه الحجة وهم المجوس وقائل هذا يقول يقتل الرهبان إذا لم يؤدوا الجزية لقول الله فاقتلوا المشركين ولم تقم الحجة بتركهم إلا بعد أداء الجزية بالآية الأخرى ومن الفقهاء من يقول لا يقتل الرهبان إن لم يؤدوا الجزية لأن في نص القرآن ما يدل على ذلك يعرفه أهل اللسان الذين نزل القرآن بلغتهم قال الله: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر وقاتلوا في اللغة لا تكون إلا من اثنين فخرج من هذا الرهبان والنساء والصبيان لأنهم ليست سبيلهم أن يقاتلوا ومعنى لا يؤمنون بالله لا يؤمنون بأنه لا معبود إلا الله وقال سيبويه: الأصل إله، وقال الفراء: الأصل الإله ثم ألقيت حركة [ ص: 434 ] الهمزة على اللام ثم أدغم فالتقدير قاتلوا الذين لا يؤمنون بالإله الذي لا تصلح الألوهة إلا له؛ لأنه ابتدع الأشياء ولا باليوم الآخر لأنهم لا يقرون بنعيم أهل الجنة ولا بالنار لمن أعدها الله له حتى يعطوا الجزية وهي فعلة من جزى فلان فلانا يجزيه إذا قضاه أي لا يؤدون ما عليهم مما يحفظ رقابهم ويذلون به عن يد وقد تكلم العلماء في معناه فما حفظ فيه عن صحابي أن معنى عن يد أن يؤديها وهو قائم والآخذ منه قاعد هذا عن المغيرة بن شعبة وهو قول عكرمة وقيل عن يد عن إنعام عليهم وقيل عن يد أي يؤديها بيده ولا يوجه بها مع رسول .

[ ص: 435 ] قال أبو جعفر: ومعنى عن يد في كلام العرب وهو ذليل يقال أدى ذلك عن يده وعن يد وحكى سيبويه بايعته يدا بيد وهم صاغرون 587 - قال عكرمة "إعطاؤه إياها صغار له" ، وقال غيره وأحكام المسلمين جارية عليهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية