( فصل ) قال الرافضي [1] : " وإنما كان الإمامية واجب الاتباع لوجوه : الأول : لما نظرنا في المذاهب وجدنا أحقها وأصدقها وأخلصها عن شوائب الباطل ، وأعظمها تنزيها لله تعالى ولرسله مذهب [2] ولأوصيائه ، وأحسن المسائل الأصولية والفروعية مذهب الإمامية .
لأنهم اعتقدوا أن الله هو المخصوص بالأزلية والقدم ، وأن كل ما سواه محدث ; لأنه [3] واحد ، [ وأنه ] [4] ليس بجسم [ ولا جوهر ، وأنه ليس بمركب ; لأن كل مركب محتاج [5] إلى جزئه ; لأن جزأه [ ص: 98 ] غيره ، ولا عرض ] [6] ولا في مكان وإلا لكان محدثا ، بل نزهوه عن مشابهة المخلوقات .
وأنه تعالى قادر على جميع المقدورات ، عدل [7] حكيم لا يظلم أحدا ، ولا يفعل القبيح - وإلا يلزم الجهل أو الحاجة [8] ، تعالى الله عنهما - ويثيب المطيع لئلا يكون ظالما ، ويعفو عن العاصي أو يعذبه بجرمه من غير ظلم له .
وأن أفعاله محكمة [ متقنة ] [9] واقعة لغرض ومصلحة وإلا لكان عابثا ، وقد قال سبحانه وتعالى : ( وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ) [ سورة الدخان : 38 ] [10] ، وأنه أرسل الأنبياء لإرشاد العالم .
وأنه تعالى غير مرئي ولا مدرك بشيء من الحواس [11] لقوله تعالى : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) [ سورة الأنعام : 103 ] [12] ، وأنه [13] ليس في جهة .
[ ص: 99 ] وأن أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره .
وأن الأنبياء معصومون عن [14] الخطأ والسهو والمعصية صغيرها وكبيرها من أول العمر إلى آخره ، وإلا لم يبق وثوق [15] بما يبلغونه فانتفت فائدة البعثة ولزم التنفير عنهم . [16]
وأن الأئمة معصومون كالأنبياء في ذلك كما تقدم [17] .
وأخذوا أحكامهم [18] الفروعية عن [19] الأئمة المعصومين ، الناقلين عن جدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [20] الآخذ ذلك من [21] الله تعالى بوحي [22] جبريل إليه ، يتناقلون ذلك عن الثقات خلفا عن سلف ، إلى أن تتصل الرواية بأحد المعصومين ولم يلتفتوا إلى القول بالرأي والاجتهاد ، وحرموا الأخذ بالقياس والاستحسان إلى آخره " .
[ ص: 100 ] فيقال : الكلام على هذا من وجوه : أحدها : أن يقال : ما ذكره من الصفات والقدر لا يتعلق بمسألة الإمامة أصلا ، بل يقول بمذهب [23] الإمامية من لا يقول بهذا ، ويقول بهذا من لا يقول بمذهب الإمامية ، ولا أحدهما مبني على الآخر ، فإن الطريق إلى ذلك عند القائلين به هو العقل ، وأما تعيين الإمام فهو [24] عندهم من السمع ، فإدخال هذا في مسألة الإمامة مثل إدخال سائر مسائل النزاع ، وهذا خروج عن المقصود .