قال أبو الحسن الأشعري في كتاب : " مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين " [1] : " اختلف [2] الروافض أصحاب الإمامة في التجسيم ، وهم ست فرق : فالفرقة [3] الأولى الهشامية ، أصحاب هشام بن الحكم الرافضي : يزعمون أن معبودهم جسم ، وله نهاية وحد ، طويل عريض عميق ، طوله [ ص: 218 ] مثل عرضه ، وعرضه مثل عمقه ، لا يوفى بعضه على [4] بعض [5] ، وزعموا أنه نور ساطع ، له قدر من الأقدار ، في مكان دون مكان ، كالسبيكة الصافية يتلألأ [6] كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها ، ذو لون وطعم ورائحة ومجسة " وذكر كلاما طويلا [7] .
" والفرقة الثانية من الرافضة : يزعمون أن ربهم ليس بصورة ولا كالأجسام ، وإنما يذهبون في قولهم : إنه جسم ، إلى أنه موجود ، ولا [8] يثبتون البارئ ذا أجزاء مؤتلفة وأبعاض متلاصقة [9] ، ويزعمون أن الله [10] على العرش مستو بلا مماسة ولا كيف .
والفرقة الثالثة من الرافضة [11] : يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان ، ويمنعون أن يكون جسما .
والفرقة الرابعة من الرافضة الهشامية - أصحاب هشام بن سالم الجواليقي - : يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان ، وينكرون أن يكون لحما ودما ، ويقولون : هو [12] نور ساطع يتلألأ بياضا [13] ، وأنه ذو حواس [ ص: 219 ] خمس كحواس الإنسان ، له يد ورجل [14] ، وأنف وأذن ، وفم وعين [15] ، وأنه يسمع بغير ما به يبصر [16] ، وكذلك سائر حواسه متغايرة عندهم " .
قال : " وحكى أبو عيسى الوراق أن هشام بن سالم كان يزعم أن لربه وفرة [17] سوداء [18] ، وأن ذلك نور أسود .
والفرقة الخامسة : يزعمون أن لرب العالمين [19] ضياء خالصا ونورا بحتا [20] ، وهو كالمصباح الذي من حيث جئته يلقاك بأمر واحد [21] ، وليس بذي صورة ولا أعضاء ، ولا اختلاف في الأجزاء ، وأنكروا أن يكون على صورة الإنسان ، أو [ على ] [22] صورة شيء من الحيوان " .
قال [23] : " والفرقة السادسة من الرافضة [24] : يزعمون أن ربهم ليس بجسم [25] ولا بصورة [26] ، ولا يشبه الأشياء ، ولا يتحرك ولا يسكن ولا يماس .
[ ص: 220 ] وقالوا في التوحيد بقول المعتزلة والخوارج " .
قال أبو الحسن الأشعري [27] : " وهؤلاء قوم من متأخريهم [28] ، فأما أوائلهم فإنهم كانوا يقولون بما حكيناه [29] عنهم من التشبيه " .
قلت : وهذا الذي ذكره [ أبو الحسن ] [30] الأشعري عن قدماء الشيعة من القول بالتجسيم قد اتفق على نقله عنهم أرباب المقالات ، حتى نفس الشيعة كابن النوبختي وغيره ذكر [ ذلك عن ] هؤلاء الشيعة [31] .
وقال أبو محمد بن حزم وغيره : أول من قال في الإسلام : إن الله جسم [ هشام بن الحكم ] [32] ، وكان الذين يناقضونه في ذلك المتكلمين [33] من المعتزل كأبي الهذيل العلاف .
فالجهمية والمعتزلة أول من قال : إن الله ليس بجسم .
فكل من القولين قاله قوم من الإمامية ومن أهل السنة الذين ليسوا بإمامية .
وإثبات الجسم قول محمد بن كرام وأمثاله ممن يقول بخلافة الخلفاء [34] الثلاثة ، والنفي [35] قول أبي الحسن الأشعري وغيره ممن يقول [ ص: 221 ] بخلافة الخلفاء الثلاثة ، وقول كثير من أتباع الأئمة الأربعة : أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم .


