الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  أحدها : أن هذا كذب على الأشعرية : ليس فيهم من يقول : إن الله [ ناقص بذاته ] [1] كامل بغيره ، ولا قال الرازي ما ذكرته [2] من الاعتراض عليهم ، بل هذا الاعتراض ذكره الرازي عمن اعترض به ، [ واستهجن ] [3] الرازي ذكره [4] .

                  [ ص: 484 ] وهو اعتراض قديم من اعتراضات نفاة الصفات ، حتى ذكره الإمام أحمد [5] [ في " الرد على الجهمية " فقال [6] : " قالت الجهمية لما وصفنا الله بهذه الصفات [7] : ( 4 إن زعمتم أن الله لم يزل ونوره ، والله وقدرته ، والله وعظمته ، فقد قلتم بقول النصارى 4 ) [8] حين زعمتم أن الله لم يزل ونوره ولم يزل وقدرته .

                  قلنا : لا نقول إن الله لم يزل وقدرته ولم يزل ونوره [9] ، ولكن نقول : لم يزل الله بقدرته ونوره ، لا متى قدر ، ولا كيف قدر .

                  فقالوا [10] : لا تكونون موحدين أبدا حتى تقولوا : كان الله ولا شيء .

                  فقلنا : نحن نقول قد كان ولا شيء . ولكن إذا قلنا : إن الله لم يزل بصفاته كلها ، أليس إنما نصف إلها واحدا بجميع صفاته .

                  وضربنا لهم في ذلك مثلا ، فقلنا : أخبرونا عن هذه النخلة : أليس لها [ ص: 485 ] جذع وكرب وليف وسعف وخوص وجمار [11] واسمها اسم واحد [12] وسميت نخلة بجميع صفاتها ؟ فكذلك الله - وله المثل الأعلى [13] - بجميع صفاته إله واحد . لا نقول : إنه كان في وقت من الأوقات ولا يقدر حتى خلق قدرة [14] والذي ليس له قدرة هو عاجز . ولا نقول : قد كان في وقت من الأوقات ولا يعلم حتى خلق لنفسه علما [15] والذي لا يعلم هو جاهل . ولكن نقول : لم يزل الله عالما قادرا مالكا لا متى ولا كيف . وقد سمى الله رجلا كافرا اسمه الوليد بن المغيرة المخزومي فقال : ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) [16] [ سورة المدثر : 11 ] وقد كان هذا الذي سماه وحيدا له عينان وأذنان ، ولسان وشفتان ، ويدان ورجلان ، وجوارح كثيرة فقد سماه الله وحيدا بجميع صفاته ، فكذلك الله - وله المثل الأعلى - هو [17] بجميع صفاته إله واحد " .

                  وهذا الذي ذكره الإمام أحمد يتضمن أسرار هذه المسائل ، وبيان [ ص: 486 ] الفرق بين ما جاءت به الرسل من الإثبات الموافق لصريح العقل ، وبين ما تقوله الجهمية ، وبين أن صفاته داخلة في مسمى أسمائه ] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية