أحدها : أن الأشعرية : ليس فيهم من يقول : إن الله [ ناقص بذاته ] هذا كذب على [1] كامل بغيره ، ولا قال الرازي ما ذكرته [2] من الاعتراض عليهم ، بل هذا الاعتراض ذكره الرازي عمن اعترض به ، [ واستهجن ] [3] الرازي ذكره [4] .
[ ص: 484 ] وهو اعتراض قديم من ، حتى ذكره اعتراضات نفاة الصفات الإمام أحمد [5] [ في " الرد على الجهمية " فقال [6] : " قالت الجهمية لما وصفنا الله بهذه الصفات [7] : ( 4 إن زعمتم أن الله لم يزل ونوره ، والله وقدرته ، والله وعظمته ، فقد قلتم بقول النصارى 4 ) [8] حين زعمتم أن الله لم يزل ونوره ولم يزل وقدرته .
قلنا : لا نقول إن الله لم يزل وقدرته ولم يزل ونوره [9] ، ولكن نقول : لم يزل الله بقدرته ونوره ، لا متى قدر ، ولا كيف قدر .
فقالوا [10] : لا تكونون موحدين أبدا حتى تقولوا : كان الله ولا شيء .
فقلنا : نحن نقول قد كان ولا شيء . ولكن إذا قلنا : إن الله لم يزل بصفاته كلها ، أليس إنما نصف إلها واحدا بجميع صفاته .
وضربنا لهم في ذلك مثلا ، فقلنا : أخبرونا عن هذه النخلة : أليس لها [ ص: 485 ] جذع وكرب وليف وسعف وخوص وجمار [11] واسمها اسم واحد [12] وسميت نخلة بجميع صفاتها ؟ فكذلك الله - وله المثل الأعلى [13] - بجميع صفاته إله واحد . لا نقول : إنه كان في وقت من الأوقات ولا يقدر حتى خلق قدرة [14] والذي ليس له قدرة هو عاجز . ولا نقول : قد كان في وقت من الأوقات ولا يعلم حتى خلق لنفسه علما [15] والذي لا يعلم هو جاهل . ولكن نقول : لم يزل الله عالما قادرا مالكا لا متى ولا كيف . وقد سمى الله رجلا كافرا اسمه الوليد بن المغيرة المخزومي فقال : ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) [16] [ سورة المدثر : 11 ] وقد كان هذا الذي سماه وحيدا له عينان وأذنان ، ولسان وشفتان ، ويدان ورجلان ، وجوارح كثيرة فقد سماه الله وحيدا بجميع صفاته ، فكذلك الله - وله المثل الأعلى - هو [17] بجميع صفاته إله واحد " .
وهذا الذي ذكره يتضمن أسرار هذه المسائل ، وبيان [ ص: 486 ] الفرق بين ما جاءت به الرسل من الإثبات الموافق لصريح العقل ، وبين ما تقوله الإمام أحمد الجهمية ، وبين أن صفاته داخلة في مسمى أسمائه ] .