الوجه الرابع : أن يقال : قول القائل : إنهم أثبتوا قدماء كثيرين ، لفظ مجمل موهم [ القول ] أنهم [1] أثبتوا آلهة غير الله في القدم ، أو أثبتوا [2] موجودات منفصلة قديمة مع الله ، [ أم أثبتوا [3] لله صفات الكمال القائمة به كالحياة والعلم والقدرة .
فإن قلت : أثبتوا آلهة غير الله ، أو موجودات قديمة منفصلة عن الله ، ] [ ص: 489 ] كان هذا بهتانا عليهم . والمشنع وإن لم يقصد هذا لكن لفظه فيه إبهام وإيهام [4] .
وإن قلت : أثبتوا له صفات قائمة به [5] قديمة بقدمه ، وهي صفات الكمال كالحياة والعلم والقدرة ، فهذا هو الحق ، وهل ينكر هذا إلا مخذول مسفسط ؟ [6] [7] كان قوله ظاهر البطلان . وكذلك إن قال : علمه هو قدرته وقدرته علمه ، وإن قال مع ذلك : إنه هو العلم والقدرة ، فجعل الموصوف هو الصفة وهذه الصفة هي الأخرى ، كما يوجد مثل ذلك فمن أنكر هذه الصفات ، وقال هو حي بلا حياة ، وعالم بلا علم ، وقادر بلا قدرة [8] في أقوال نفاة الصفات من الفلاسفة والمعتزلة ، فنفس تصور قولهم على الحقيقة يبين فساده ، والكلام عليهم وعلى شبههم [9] مبسوط في غير هذا الموضع [10] .