الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  ( فصل ) قال [ الرافضي ] [1] : " ومنها أنه لا يتمكن أحد من تصديق أحد من الأنبياء ، لأن التوصل إلى ذلك والدليل عليه إنما يتم [2] بمقدمتين : إحداهما : أن الله [ تعالى ] فعل المعجز على يد النبي [ صلى الله عليه وسلم ] [3] لأجل التصديق . والثانية : أن [ ص: 92 ] كل من صدقه [4] الله فهو صادق ، وكلتا [5] المقدمتين لا تتم على قولهم ، لأنه إذا استحال أن يفعل لغرض [6] استحال أن يظهر المعجز [7] لأجل التصديق ، وإذا كان فاعلا للقبيح ولأنواع الإضلال والمعاصي [8] والكذب وغير ذلك جاز أن يصدق الكذاب ، فلا يصح الاستدلال على صدق أحد من الأنبياء ولا المنذرين بشيء من الشرائع والأديان " .

                  الجواب من وجوه .

                  [ أحدها : أن يقال ] [9] : إنه قد [10] تقدم أن أكثر [11] القائلين بخلافة الخلفاء الثلاثة يقولون : إن الله يفعل لحكمة ، بل أكثر أهل السنة المثبتين للقدر يقولون بذلك أيضا .

                  وحينئذ فإن [12] كان هذا القول هو الصواب فهو من أقوال أهل السنة ، وإن كان نفيه هو الصواب فهو من أقوال أهل السنة [ أيضا ] [13] ، فعلى [ ص: 93 ] التقديرين [ لا ] [14] يخرج الحق عن قولهم ، بل قد يوجد في كل مذهب من المذاهب الأربعة النزاع بين أصحابه في هذا الأصل ، مع اتفاقهم على إثبات خلافة الخلفاء [ الثلاثة ] [15] ، وعلى إثبات القدر وأن الله خالق أفعال العباد ، ونزاع أصحاب [16] أحمد في هذا الأصل معروف ، وغير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم كابن عقيل والقاضي أبي خازم [17] وغيرهما يثبتون المعجزات بأن الرب حكيم لا يجوز في حكمته [18] إظهار المعجزات على يد الكذاب ، وكذلك قال أبو الخطاب [19] وغيره وكذلك أصحاب مالك والشافعي ، ولعل أكثر أصحاب أبي حنيفة يقولون بإثبات الحكمة في أفعاله أيضا .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية