الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الثاني : أن يقال : قدرة الرب * [1] [ لا يفعل بها إلا مع وجود مشيئته ، فإن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وليس كل ما كان قادرا عليه فعله .

                  قال تعالى : بلى قادرين على أن نسوي بنانه [ سورة القيامة : 4 ] .

                  وقال تعالى : قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض [ سورة الأنعام : 65 ] .

                  وقد ثبت في الصحيحين عن جابر - رضي الله عنه - أنه لما نزلت هذه الآية قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم قال [ ص: 271 ] النبي صلى الله عليه وسلم : " أعوذ بوجهك " ، أو من تحت أرجلكم قال : " أعوذ بوجهك " ، أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض قال : " هاتان أهون " [2] .

                  وقال تعالى : ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا [ سورة يونس : 99 ] ، وقد قال تعالى : ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة [ سورة هود : 118 ] ، وقال : ولو شاء الله ما اقتتلوا [ سورة البقرة : 253 ] ومثل هذا متعدد في القرآن .

                  وإذا كان لو شاءه لفعله ، دل على أنه قادر عليه ؛ فإنه لا يمكن فعل غير المقدور ، وإذا كان كذلك علم أن الفعل لو وجد بمجرد كونه قادرا لوقع كل مقدور ، بل لا بد مع القدرة من الإرادة .

                  وحينئذ قول القائل : فقدرة الرب ] ( * ) [3] تفتقر إلى مرجح ، لكن المرجح هو إرادة الله تعالى ، وإرادة الله لا يجوز أن تكون من غيره ، بخلاف إرادة العبد ، وإذا كان المرجح إرادة الله ، كان فاعلا باختياره لا موجبا بذاته بدون اختياره ، وحينئذ فلا يلزم الكفر .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية