والرابع أن يقال له : [1] إنه [2] ، فإما أن يجب وجوده ، وإما أن لا يجب ، فإن وجب حصل [ ص: 273 ] المطلوب وتبين وجوب هو سبحانه قادر ، فإذا أراد حدوث مقدور [3] الأثر عند المرجح ، سواء [4] سميت هذا موجبا بالذات أو لم تسمه [5] ، وإن لم يجب وجوده كان وجوده ممكنا قابلا للوجود والعدم ، ( 4 فوجوده دون عدمه ممكن 4 ) [6] فلا بد له من مرجح ، وهكذا هلم [7] جرا ، كل ما قدر قابلا للوجود ولم يجب [8] وجوده كان وجوده ( * ممكنا محتملا للوجود والعدم ، فلا يوجد حتى يحصل المرجح التام الموجب بالذات [9] لوجوده ، فتبين أن كل ما وجد فقد وجب وجوده * ) [10] بمشيئة الله وقدرته ، وهو المطلوب .
وهذا قول طائفة من المعتزلة [11] . كأبي الحسين البصري وغيره ، وطائفة من القدرية في هذا الباب يقولون : عند وجود المرجح صار الفعل أولى به ، ولا تنتهي الأولوية [12] إلى حد الوجوب [ كما يقول ذلك محمود الخوارزمي الزمخشري ونحوه ] [13] [ ص: 274 ] وهو [14] باطل ، فإنه إذا لم ينته إلى حد الوجوب كان ممكنا فيحتاج إلى مرجح ، فما ثم إلا واجب أو ممكن ، والممكن يقبل الوجود والعدم .
وطائفة ثالثة من القدرية [ والجهمية ومن اتبعهم من أصحاب أبي الحسين [15] وغيرهم من المتكلمين ، وطوائف من أصحاب الأئمة الأربعة والشيعة وغيرهم ] [16] ، وحدوث العالم ، وفي مسألة فعل يقولون : القادر يرجح بلا مرجح ، فيجعلون الإرادة حادثة بلا مرجح لحدوثها ، ويجعلون إرادة الله حادثة لا في محل ، ويجعلون الفعل معها ممكنا لا واجبا ، وهذا من أصولهم التي اضطربوا فيها في مسألة فعل الله [17] العبد والقدر .