الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  والرابع أن يقال له : [1] إنه هو سبحانه قادر ، فإذا أراد حدوث مقدور [2] ، فإما أن يجب وجوده ، وإما أن لا يجب ، فإن وجب حصل [ ص: 273 ] المطلوب وتبين وجوب [3] الأثر عند المرجح ، سواء [4] سميت هذا موجبا بالذات أو لم تسمه [5] ، وإن لم يجب وجوده كان وجوده ممكنا قابلا للوجود والعدم ، ( 4 فوجوده دون عدمه ممكن 4 ) [6] فلا بد له من مرجح ، وهكذا هلم [7] جرا ، كل ما قدر قابلا للوجود ولم يجب [8] وجوده كان وجوده ( * ممكنا محتملا للوجود والعدم ، فلا يوجد حتى يحصل المرجح التام الموجب بالذات [9] لوجوده ، فتبين أن كل ما وجد فقد وجب وجوده * ) [10] بمشيئة الله وقدرته ، وهو المطلوب .

                  وهذا قول طائفة من المعتزلة [11] . كأبي الحسين البصري وغيره ، وطائفة من القدرية في هذا الباب يقولون : عند وجود المرجح صار الفعل أولى به ، ولا تنتهي الأولوية [12] إلى حد الوجوب [ كما يقول ذلك محمود الخوارزمي الزمخشري ونحوه ] [13] [ ص: 274 ] وهو [14] باطل ، فإنه إذا لم ينته إلى حد الوجوب كان ممكنا فيحتاج إلى مرجح ، فما ثم إلا واجب أو ممكن ، والممكن يقبل الوجود والعدم .

                  وطائفة ثالثة من القدرية [ والجهمية ومن اتبعهم من أصحاب أبي الحسين [15] وغيرهم من المتكلمين ، وطوائف من أصحاب الأئمة الأربعة والشيعة وغيرهم ] [16] يقولون : القادر يرجح بلا مرجح ، فيجعلون الإرادة حادثة بلا مرجح لحدوثها ، ويجعلون إرادة الله حادثة لا في محل ، ويجعلون الفعل معها ممكنا لا واجبا ، وهذا من أصولهم التي اضطربوا فيها في مسألة فعل الله ، وحدوث العالم ، وفي مسألة فعل [17] العبد والقدر .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية