والوجه الثالث : أنه قد عرف كل أحد الإسماعيلية والنصيرية هم من الطوائف الذين يظهرون التشيع ، وإن كانوا في الباطن كفارا منسلخين من كل ملة . أن والنصيرية هم من غلاة الرافضة الذين يدعون إلهية ، وهؤلاء أكفر من علي اليهود والنصارى باتفاق المسلمين .
والإسماعيلية الباطنية أكفر منهم ، فإن حقيقة قولهم التعطيل . أما أصحاب الناموس الأكبر والبلاغ الأعظم ، الذي هو [1] آخر المراتب عندهم [2] . فهم من الدهرية القائلين بأن العالم لا فاعل له : لا علة ولا [ ص: 453 ] خالق . ويقولون ليس بيننا وبين الفلاسفة خلاف إلا في [3] . واجب الوجود ، فإنهم يثبتونه ، وهو شيء لا حقيقة له ، ويستهزئون بأسماء الله - عز وجل [4] . ولا سيما [5] . هذا [ الاسم ( * الذي ] [6] . هو الله ، [ فإن [7] * ) [8] ] . منهم من يكتبه على أسفل قدميه ويطؤه .
وأما من هو دون هؤلاء فيقولون بالسابق والتالي [9] . ، الذين عبروا بهما عن العقل والنفس عند الفلاسفة ، وعن النور والظلمة عند المجوس ، وركبوا لهم مذهبا من مذاهب الصابئة والمجوس ظاهره التشيع .
ولا ريب أن المجوس والصائبة ( * شر من اليهود والنصارى ، ولكن تظاهروا بالتشيع * ) [10] . . قالوا : لأن الشيعة أسرع الطوائف استجابة لنا ، لما فيهم من الخروج عن الشريعة ، ولما فيهم من الجهل وتصديق المجهولات [11] . .
[ ص: 454 ] ولهذا كان أئمتهم في الباطن فلاسفة ، كالنصير الطوسي هذا ، وكسنان البصري الذي كان بحصونهم بالشام ، وكان يقول : قد رفعت عنهم الصوم والصلاة والحج والزكاة [12] . .
فإذا كانت الإسماعيلية [13] . إنما يتظاهرون في الإسلام بالتشيع ، ومنه دخلوا ، وبه ظهروا [14] . ، وأهله هم المهاجرون إليهم لا إلى الله ورسوله ، وهم أنصارهم لا أنصار الله ورسوله [15] . علم أن شهادة الإسماعيلية للشيعة بأنهم على الحق شهادة مردودة باتفاق العقلاء .
فإن هذا الشاهد : إن كان يعرف أن ما هو عليه مخالف لدين الإسلام في الباطن وإنما أظهر التشيع لينفق به [16] . عند المسلمين ، فهو محتاج إلى تعظيم التشيع ، وشهادته له شهادة المرء لنفسه ، فهو كشهادة الآدمي [17] . لنفسه ، لكنه [18] . في هذه الشهادة يعلم أنه يكذب ، وإنما كذب فيها [19] . كما [ ص: 455 ] كذب [20] . في سائر أحواله ، وإن كان يعتقد دين الإسلام في الباطن ويظن أن هؤلاء على دين الإسلام ، كان أيضا شاهدا لنفسه ، لكن مع جهله وضلاله .
وعلى التقديرين فشهادة [21] . المرء لنفسه لا تقبل ، سواء علم كذب نفسه ، أو اعتقد صدق نفسه . كما في السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " " . لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ولا ذي غمر على أخيه
[22] \ 62 . . وهؤلاء خصماء أظناء متهمون ذوو غمر على أهل السنة والجماعة ، فشهادتهم مردودة بكل طريق .