الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الوجه الخامس : أن الحديث روي تفسيره فيه من وجهين : أحدهما : أنه - صلى الله عليه وسلم - [1] . سئل عن الفرقة الناجية ، فقال : " من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي " . وفي الرواية الأخرى قال : " هم الجماعة " . وكل من التفسيرين يناقض قول الإمامية ، ويقتضي أنهم [ ص: 457 ] خارجون عن الفرقة الناجية ، فإنهم خارجون عن جماعة المسلمين : يكفرون أو يفسقون ( * أئمة [2] . الجماعة كأبي بكر وعمر وعثمان ، دع معاوية وملوك بني أمية وبني العباس ، وكذلك يكفرون أو يفسقون * ) [3] . علماء الجماعة وعبادهم ، كمالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد وأبي حنيفة والشافعي وأحمد [4] . وإسحق وأبي عبيد وإبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني ومعروف الكرخي وأمثال هؤلاء ، وهم أبعد الناس عن معرفة سير الصحابة والاقتداء بهم ، لا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا بعده ، فإن [5] . هذا إنما يعرفه أهل [6] . العلم بالحديث والمنقولات ، والمعرفة بالرجال [7] . الضعفاء والثقات ، وهم من أعظم [8] . الناس جهلا بالحديث وبغضا له [9] . ، ومعاداة لأهله ، فإذا كان وصف الفرقة الناجية أتباع الصحابة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وذلك شعار السنة والجماعة - كانت الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة ، فالسنة ما كان [ صلى الله عليه وسلم ] [10] . هو وأصحابه عليه [11] . [ ص: 458 ] في عهده ، مما أمرهم به أو أقرهم عليه أو فعله هو والجماعة هم المجتمعون [12] . الذين ما [13] . فرقوا دينهم وكانوا شيعا ، فالذين [14] . فرقوا دينهم وكانوا شيعا خارجون عن الجماعة [15] . قد برأ الله نبيه منهم ، فعلم بذلك [16] . أن هذا وصف أهل السنة والجماعة ، لا وصف الرافضة ، وأن هذا [17] . الحديث وصف الفرقة الناجية باتباع سنته التي كان عليها هو وأصحابه وبلزوم جماعة المسلمين .

                  فإن قيل : فقد قال في الحديث : " من كان [18] . على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي " ، فمن خرج عن تلك الطريقة بعده لم يكن على طريقة الفرقة الناجية ، وقد ارتد ناس بعده فليسوا من الفرقة الناجية .

                  قلنا : نعم ، وأشهر الناس بالردة خصوم أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وأتباعه ؛ كمسيلمة الكذاب وأتباعه وغيرهم . وهؤلاء تتولاهم الرافضة كما ذكر ذلك غير واحد من شيوخهم ، مثل هذا الإمامي وغيره ، ويقولون : إنهم كانوا على الحق ، وأن الصديق قاتلهم بغير حق . ثم من [19] . أظهر [ ص: 459 ] الناس ردة الغالية [20] . الذين حرقهم علي [ رضي الله عنه ] [21] . بالنار لما ادعوا فيه الإلهية ، وهم السبائية [22] . أتباع عبد الله بن سبأ الذين أظهروا سب أبي بكر وعمر .

                  وأول من ظهر عنه دعوى النبوة من المنتسبين إلى الإسلام المختار بن أبي عبيد وكان من الشيعة [23] \ 68 . فعلم أن أعظم الناس ردة هم في الشيعة أكثر منهم في سائر الطوائف ، ولهذا لا يعرف ردة أسوأ [ حالا ] من ردة [24] . الغالية كالنصيرية ، ومن [ ردة ] الإسماعيلية [25] . الباطنية ونحوهم ، وأشهر [26] . الناس بقتال المرتدين هو أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - ، فلا يكون المرتدون في طائفة أكثر منها في خصوم أبي بكر الصديق ، فدل ذلك على أن المرتدين الذين لم يزالوا مرتدين على أعقابهم هم بالرافضة أولى منهم بأهل السنة والجماعة .

                  وهذا بين يعرفه كل عاقل يعرف الإسلام وأهله [27] . ، ولا يستريب [28] . أحد أن جنس المرتدين في المنتسبين إلى التشيع أعظم وأفحش كفرا من [ ص: 460 ] جنس [29] . المرتدين والمنتسبين إلى أهل السنة والجماعة إن كان فيهم مرتد .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية