وأما . قوله : " إنه الطليق ابن الطليق "
فهذا ليس نعت ذم ; فإن الطلقاء هم مسلمة الفتح ، [ الذين أسلموا عام فتح مكة ] [1]
، وأطلقهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانوا نحوا من ألفي رجل ، وفيهم من صار من خيار المسلمين ، ، كالحارث بن هشام وسهل بن عمرو [2] .
، ، وصفوان بن أمية ، وعكرمة بن أبي جهل ، ويزيد بن أبي سفيان ، وحكيم بن حزام وأبي سفيان بن الحارث [ بن عبد المطلب ] [3] .
ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يهجوه ثم حسن إسلامه ، وعتاب بن أسيد الذي ولاه النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة لما فتحها [4] " .
، وغير هؤلاء ممن حسن إسلامه .
[ ص: 382 ] ممن حسن إسلامه ومعاوية باتفاق أهل العلم . ولهذا ولاه - رضي الله عنه - موضع أخيه عمر بن الخطاب لما مات أخوه يزيد بن أبي سفيان يزيد بالشام ، وكان من خيار الناس ، وكان أحد الأمراء الذين بعثهم يزيد بن أبي سفيان أبو بكر لفتح وعمر الشام : ، يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة ، ، مع وعمرو بن العاص ، أبي عبيدة بن الجراح ، فلما توفي وخالد بن الوليد ولى يزيد بن أبي سفيان مكانه أخاه عمر معاوية [5] .
، لم يكن تأخذه في الله لومة لائم ، وليس هو ممن يحابي في الولاية ، ولا كان ممن يحب وعمر أباه ، بل كان من أعظم الناس عداوة لأبيه أبا سفيان قبل الإسلام ، حتى إنه لما جاء به أبي سفيان يوم فتح العباس مكة كان حريصا على قتله ، حتى جرى بينه وبين عمر نوع من المخاشنة بسبب بغض العباس عمر . فتولية لأبي سفيان لابنه عمر ليس لها سبب دنيوي ، ولولا استحقاقه للإمارة لما أمره . معاوية
ثم إنه بقي في الشام عشرين سنة أميرا ، وعشرين سنة خليفة ، ورعيته من أشد الناس محبة له وموافقة له [6] .
، وهو من أعظم الناس إحسانا إليهم وتأليفا لقلوبهم ، حتى إنهم [7] .
قاتلوا معه ] علي [ بن أبي طالب [8] .
وصابروا [ ص: 383 ] عسكره ، حتى قاوموهم وغلبوهم [9] .
، أفضل منه وأعلى درجة ، وهو أولى بالحق منه باتفاق الناس ، وعسكر وعلي يعلمون أن معاوية أفضل منه وأحق بالأمر عليا [10] .
، ولا ينكر ذلك [ منهم ] [11] .
إلا معاند أو من أعمى الهوى قلبه .
قبل تحكيم الحكمين يدعي الأمر لنفسه ، ولا يتسمى بأمير المؤمنين معاوية ، بل إنما ولم يكن [12] .
ادعى [ ذلك ] [13]
بعد حكم الحكمين ، وكان غير واحد من عسكر يقول له : لم ذا ؟ تقاتل معاوية وليس لك سابقته ولا فضله عليا [14] .
ولا صهره ، وهو أولى بالأمر منك ؟ فيعترف لهم بذلك . معاوية
لكن قاتلوا مع لظنهم أن عسكر معاوية فيه علي [15] .
ظلمة يعتدون عليهم كما اعتدوا على ، وأنهم يقاتلونهم دفعا لصيالهم عليهم عثمان [16] .
، جائز ، ولهذا لم يبدءوهم بالقتال حتى بدأهم أولئك . ولهذا قال الأشتر النخعي : إنهم ينصرون علينا لأنا نحن بدأناهم بدأناهم : وقتال الصائل
[17]
- رضي الله عنه - كان عاجزا عن قهر الظلمة من العسكرين ، ولم [ ص: 384 ] تكن أعوانه يوافقونه على ما يأمر به ، وأعوان وعلي يوافقونه ، وكان يرى أن القتال يحصل به المطلوب ، فما حصل به إلا ضد المطلوب ، وكان في عسكر معاوية من يتهم معاوية بأشياء من الظلم هو بريء منها عليا [18] .
، وطالب الحق من عسكر يقول : لا يمكننا أن نبايع إلا من يعدل علينا ولا يظلمنا ، ونحن إذا بايعنا معاوية ظلمنا عسكره ، كما ظلم عليا [19] .
. عثمان إما عاجز عن العدل علينا ، أو غير فاعل لذلك ، وليس علينا أن نبايع عاجزا عن العدل علينا ولا تاركا له . فأئمة السنة يعلمون أنه ما كان القتال مأمورا به : لا واجبا ولا مستحبا ، ولكن يعذرون من اجتهد فأخطأ . وعلي