( فصل ) [1] 
قال الرافضي [2]  : " قال أبو عمر الزاهد   : قال أبو العباس  [3]  : لا نعلم أحدا قال بعد نبيه : " سلوني " من شيث [4] إلى محمد  إلا  علي  ، فسأله الأكابر  أبو بكر   وعمر  وأشباههما [5] ، حتى انقطع  [ ص: 512 ] السؤال . ثم قال بعد هذا [6]  : يا كميل بن زياد  ، إن هاهنا لعلما [7] جما لو أصبت [8] له حملة " . 
والجواب : أن هذا النقل إن صح عن ثعلب  فثعلب  لم يذكر له إسنادا حتى يحتج به . وليس ثعلب  من أئمة الحديث الذين يعرفون صحيحه من سقيمه ، حتى يقال : قد صح عنده . كما إذا قال ذلك  أحمد  أو  يحيى بن معين  أو  البخاري  ونحوهم ، بل من هو أعلم من ثعلب  من الفقهاء يذكرون أحاديث كثيرة لا أصل لها  ، فكيف ثعلب  ؟ ! وهو قد سمع هذا من بعض الناس الذين لا يذكرون [9] ما يقولون عن أحد . 
 وعلي   - رضي الله عنه - لم يكن يقول هذا بالمدينة  ، لا في خلافة  أبي بكر  ولا  عمر  ولا  عثمان  ، وإنما كان يقول هذا في خلافته في الكوفة   ; ليعلم أولئك الذين لم يكونوا يعلمون ما ينبغي لهم علمه ، وكان [10] هذا لتقصيرهم في طلب العلم ، وكان  علي   - رضي الله عنه - يأمرهم بطلب العلم والسؤال . 
وحديث كميل بن زياد  [11] يدل على هذا ; فإن كميلا  من التابعين لم  [ ص: 513 ] يصحبه إلا بالكوفة  ، فدل على أنه كان يرى تقصيرا من أولئك عن كونهم حملة للعلم ، ولم يكن يقول هذا في المهاجرين  والأنصار  ، بل كان عظيم الثناء عليهم . 
وأما  أبو بكر  فلم يسأل  عليا  قط عن شيء . وأما  عمر  فكان يشاور الصحابة :  عثمان   وعليا  ، وعبد الرحمن   وابن مسعود  ،  وزيد بن ثابت  وغيرهم ، فكان  علي  من أهل الشورى ،  كعثمان   وابن مسعود  وغيرهما ، ولم يكن [12]  أبو بكر  ولا  عمر  ولا غيرهما ، من أكابر الصحابة يخصان  عليا  بسؤال . 
والمعروف أن  عليا  أخذ العلم عن  أبي بكر   ، كما في السنن عن  علي  ، قال : كنت إذا سمعت من [13] النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثا نفعني الله به ما شاء أن ينفعني ، وإذا حدثني غيره حديثا استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، وحدثني  أبو بكر  ، وصدق  أبو بكر  ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ، ثم يستغفر الله إلا [14] غفر الله له  " [15]  . 
				
						
						
